جزؤه الآخر أيضا، وعند تحقق الغسلة الثانية يتحقق الموضوع، فيترتب عليه حكمه وهو الطهارة في المثال.
كما أنه ربما اعتبر الشارع في حصول الطهارة لشئ خصوصية أخرى زائدا على غسله بالماء، وهي المسح بالتراب أو نحوه. ولكن من المعلوم أن كل ذلك لمصلحة يراها الشارع، وليس أمرا جزافا، لاستحالة صدور الجزاف منه.
كما أن من الضروري أنها لا توجب كون اعتبار النجاسة في مثل هذه الموارد أشد من اعتبارها في غيره من الموارد، لما عرفت من أن الاعتبار - بما هو - لا يمكن أن يتصف بالشدة والضعف، ضرورة أنهما من صفات وعوارض الأمور الخارجية، لا الأمور الاعتبارية التي لا واقع لها في الخارج.
نعم، يمكن اختلاف المعتبر في الشدة والضعف، فيكون المعتبر نجاسة شديدة لشئ ونجاسة ضعيفة لشئ آخر، كما ورد ذلك في الناصب أنه أنجس من الكلب والخنزير (1)، إلا أن ذلك أجنبي عن محل البحث وحصول ضعف في نجاسة المتنجس بغسله مرة واحدة.
وإن شئت فقل: إن الاعتبار - بما هو - وإن كان غير قابل للاتصاف بالشدة تارة والضعف أخرى إلا أنه لا مانع من اعتبار الشارع نجاسة شديدة لشئ ونجاسة ضعيفة لآخر بملاك يقتضي ذلك، فإن هذا بمكان من الوضوح، ولكن هذا غير ما نحن بصدده كما لا يخفى.
وقد يتخيل في المقام أنه لا شبهة في تفاوت الأحكام الشرعية من حيث القوة والضعف والأهمية وعدمها، ضرورة أنها ليست في رتبة واحدة وعلى نسبة فاردة كما هو ظاهر. وعليه فكيف يمكن نفي التفاوت بينها وعدم اتصافها بالشدة والضعف؟
ولكن هذا الخيال خاطئ وغير مطابق للواقع، وذلك لأن مركز نفي الشدة