ما لا يؤكل لحمه أو غير متخذ منه - ففي مثل ذلك لا أصل موضوعي يحرز به أحد الأمرين، مع قطع النظر عن جريان استصحاب العدم الأزلي فيه أو العدم النعتي المحرز لعدم كونه متخذا من أجزاء ما لا يؤكل.
بيان ذلك هو: أنا إذا بنينا في تلك المسألة - أعني: مسألة اللباس المشكوك فيه - على جريان استصحاب العدم الأزلي أو العدم النعتي فيها بالتقريب الآتي - كما هو مختارنا في هذه المسألة - فهي خارجة عن مفروض كلامنا، إذ بهذا الاستصحاب نحرز أن هذا اللباس غير متخذ من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، فلا يبقى لنا شك - عندئذ - في مانعيته أصلا.
أما تقريب جريانه على النحو الأول في هذه المسألة هو: أن مادة هذا الثوب في زمان لم تكن موجودة يقينا، ضرورة أنها ليست أزلية، وكذا اتصافها بكونها من أجزاء ما لا يؤكل، لوضوح أنه أمر حادث مسبوق بالعدم ثم وجدت مادته، وبعد وجودها - لا محالة - نشك في اتصافها بالوصف المزبور، وأن هذا الاتصاف تحقق في الخارج أم لا، فعندئذ لا مانع من استصحاب عدم اتصافها به، وبذلك نحرز أن مادة هذا الثوب ليست من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، فإذا لا مانع من الصلاة فيه، إذ المفروض جواز الصلاة في ثوب لم يكن من أجزاء ما لا يؤكل، وهذا ثوب لم يكن منها.
أما كونه ثوبا فبالوجدان، وأما أنه ليس من أجزاء ما لا يؤكل فبالتعبد. فبضم الوجدان إلى الأصل يلتئم موضوع الأثر.
وعلى الجملة: فهنا أمران كلامهما مسبوق بالعدم:
أحدهما: مادة هذا الثوب وأجزاؤه الأصلية.
ثانيهما: اتصافها بكونها من أجزاء ما لا يؤكل.
أما الأمر الأول: فقد تحقق في الخارج ووجدت مادة هذا الثوب.
وأما الأمر الثاني: فهو مشكوك فيه، فإنا نشك في أن تلك المادة والأجزاء هل وجدت متصفة بهذه الصفة أو لم توجد كذلك؟ فالذي نتيقن به: هو وجود تلك