جهة ولم يقم برهان عليه من جهة أخرى فلا محالة لا يمنع عن جريان البراءة عن وجوبه.
ومن ذلك يظهر: أنه لا فرق بين البراءة الشرعية والعقلية، فإنه كما لا يمنع عن جريان الأولى كذلك لا يمنع عن جريان الثانية، ضرورة أن مانعيته إنما هي في فرض كون تحصيله واجبا بحكم العقل. وقد عرفت: أن العقل لا يحكم بوجوب تحصيله، إلا فيما إذا وصل إلى المكلف لا مطلقا.
فما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من التفكيك بين البراءة الشرعية والعقلية في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين (1) لا يمكن المساعدة عليه بوجه، وتمام الكلام هناك.
وأما الكلام في المقام (2) الثاني - وهو بيان الثمرة بين الصور المتقدمة في فرض كون الترك متعلقا للوجوب الضمني - فأيضا تظهر الثمرة بينها في موردين:
الأول: فيما إذا اضطر المكلف إلى إيجاد بعض أفراد الطبيعة كان المطلوب تركها في الخارج في ضمن واجب كالصلاة - مثلا - أو نحوها، كما إذا اضطر إلى لبس الثوب المتنجس، أو الميتة، أو ما لا يؤكل لحمه في الصلاة.
فعلى الصورة الأولى بما أن المطلوب هو صرف ترك هذه الطبائع في ضمنها وأنها متقيدة به فلا محالة يحصل المطلوب بترك فرد ما منها في الخارج، ولا يجب عليه ترك بقية أفرادها، وذلك كما عرفت: من أن صرف الترك كصرف الوجود، فكما أن صرف الوجود يتحقق بأول الوجودات فكذلك صرف الترك يتحقق بأول التروك، فإذا حصل صرف الترك بأول الترك حصل الغرض، ومعه يسقط الأمر.
فإذا لا أمر بترك بقية أفرادها، بل لا مقتضي له، لفرض أنة قائم بصرف الترك لا بمطلقه، كما أن عصيانه يتحقق بإيجاد أول فرد منها في الخارج في ضمن الصلاة ولو في آن.