يلبس ثوبا متنجسا آخر زائدا على الفرد المضطر إليه باختياره وإرادته، بداهة أنه لا دخل للفرد الثاني أصلا، فيكون وجوده وعدمه سيان، لفرض أن عدمه بالخصوص غير دخيل في الواجب، والدخيل فيه إنما: هو عدم المجموع، والمفروض أن المكلف لا يقدر عليه. فإذا يستحيل أن يتصف الفرد الثاني أو الثالث بالمانعية، ومعه لا مانع من أن يأتي به باختياره وإرادته أصلا.
كما أن المطلوب لو كان هو صرف الوجود يستحيل أن يتصف الفرد الثاني أو الثالث بالمطلوبية، وهذا من الواضحات الأولية.
وعلى الصورة الرابعة - وهي: ما كانت الصلاة متقيدة بعنوان وجودي بسيط متحصل من مجموع تروك هذه الطبائع - فالحال فيها هي الحال في الصورة الثالثة، بمعنى: أن المكلف إذا اضطر إلى الصلاة في شئ من أفراد هذه الطبائع في الخارج - كأن اضطر إلى الصلاة في الثوب المتنجس أو الميتة أو ما لا يؤكل - فلا محالة لا يتحقق العنوان المزبور، ولا يقدر المكلف على الصلاة مع هذا القيد، ضرورة أنه مسبب عن مجموع تروك الطبعية ومعلول لها، ومع الاخلال بواحد منها - لا محالة - لا يوجد، بداهة استحالة وجود المعلول بدون وجود علته التامة.
وعلى الجملة: فالصلاة لم تكن متقيدة بنفس تروك تلك الطبائع على الفرض، بل هي متقيدة بعنوان متولد من تلك التروك في الخارج، فلا شأن لهذه التروك إلا كونها محصلة لقيد الواجب - وهو الصلاة في مفروض الكلام - ومقدمة لحصوله، وإلا فهي أجنبية عما هو مراد الشارع، وليست بمطلوبة له، فإذا فرض أن لمجموع هذه التروك دخلا في تحقق هذا العنوان بحيث يكون دخل كل منها فيه بنحو جزء السبب والمؤثر لإتمامه فلا محالة ينتفي ذلك القيد بانتفاء واحد منها وانقلابه إلى الوجود باضطرار أو نحوه.
وعليه فلا أثر لانقلاب ترك الفرد الثاني أو الثالث... وهكذا إلى الوجود أصلا، وذلك لفرض أن ترك كل منها ليس مطلوبا، والمطلوب إنما هو تقيد الصلاة بالعنوان المذكور، وهو منتف في هذا الحال، سواء أوجد المكلف فردا آخر زائدا