والجواب عنه أولا: أن الفعل لا يعقل أن يكون مصداقا للترك، لاستحالة كون الوجود مصداقا للعدم، لتباينهما ذاتا، واستحالة صدق أحدهما على الآخر، كيف؟
فإن العدم لا تحقق له خارجا لينطبق على الوجود.
وعلى الجملة: فلا يعقل أن يكون العدم جامعا بين الوجود والعدم المحض، وعلى هذا فلا يكون فعل الصلاة مصداقا للنقيض، بل هو مقارن له. وقد تقدم أن حرمة شئ لا تسري إلى مقارنه (1).
وثانيا: ما ذكره المحقق صاحب الكفاية (2) (قدس سره)، وقد بيناه مع زيادة توضيح في مبحث الضد (3).
وملخصه: هو أن الفعل بنفسه نقيض للترك المطلق ورافع له، بداهة أن نقيض الوجود هو العدم البديل له، ونقيض العدم هو الوجود كذلك، وهذا هو المراد من جملة: " أن نقيض كل شئ رفعه "، وليس المراد منها أن نقيض الترك عدم الترك، ونقيض عدم الترك عدم عدم الترك...، وهكذا إلى ما لا نهاية له، فإنه وإن عبر به إلا أنه باعتبار انطباقه على الوجود خارجا، وكونه مرآة له، لا أنه بنفسه نقيض، وإلا لزم أن لا يكون الوجود نقيضا للعدم، وهو كما ترى، ولأجل ذلك - أي: كون الوجود نقيضا للعدم حقيقة وبالعكس - قد ثبت أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان.
وعلى ضوء هذا الأساس فعلى القول بوجوب المقدمة مطلقا حيث إن ترك الصلاة في المثال المتقدم واجب فنقيضه - وهو وجود الصلاة - بطبيعة الحال يكون منهيا عنه، وعليه فلا محالة تقع فاسدة.
وعلى القول بوجوب خصوص الموصلة بما أن الواجب هو الترك الموصل - فحسب - فلا يكون فعل الصلاة نقيضا له، بل هو مقارن له. وقد تقدم أن الحكم الثابت لشئ لا يسري إلى ملازمه فضلا عن مقارنه (4).