بإطلاق هذه الجملة لإثبات كون الوجوب نفسيا، إذ لو كان غيريا لكان على المولى نصب قرينة على ذلك، وحيث إنه لم ينصب مع كونه في مقام البيان فالإطلاق يقتضي عدمه.
الثاني: التمسك بإطلاق دليل الواجب، كدليل الصلاة أو نحوها لدفع ما يحتمل أن يكون قيدا له.
بيان ذلك: أن المولى إذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على تقييد الواجب بقيد ففي مثله إذا شك في تقييده بشئ، كما إذا شك في تقييد الصلاة - مثلا - بالوضوء فلا مانع من التمسك بإطلاق قوله: " صل " لإثبات عدم تقييدها به، ولازم ذلك هو عدم كون الوضوء واجبا غيريا. وقد ذكرنا في محله (1): أن الأصول اللفظية تثبت لوازمها.
فالنتيجة: أنه على ضوء كلتا النظريتين لا مانع من التمسك بالإطلاق لإثبات كون الواجب نفسيا.
نعم، تفترق نظرية المشهور عن نظرية الشيخ (قدس سره) في كيفية التمسك به كما عرفت. ومن هنا لم ينسب إلى الشيخ (رحمه الله) إنكار الواجب الغيري على ما نعلم.
وأما المقام الثاني - وهو التمسك بالأصول العملية عند عدم وجود الأصول اللفظية - فالكلام فيه يقع من وجوه:
الأول: ما إذا علم المكلف بوجوب شئ إجمالا في الشريعة المقدسة وتردد بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا، وهو يعلم بأنه لو كان واجبا غيريا ومقدمة لواجب آخر لم يكن ذلك الواجب فعليا، وذلك كما إذا علمت الحائض بوجوب الوضوء عليها وترددت بين كون وجوبه نفسيا أو غيريا، وهي تعلم بأنه لو كان واجبا غيريا ومقدمة للصلاة لم تكن الصلاة واجبة عليها فعلا، وفي مثل هذا