في الخارج قضاء لحق العبودية، وأداء لوظيفة المولوية، وتحصيلا للأمن من العقوبة، ولا نعني بالوجوب إلا إدراك العقل لأبدية الخروج عن عهدته فيما إذا لم يحرز من الداخل أو من الخارج ما يدل على جواز تركه.
الجهة الرابعة: في الطلب والإرادة. قد سبق منا في الجهة الثالثة: أن الأمر موضوع للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج، فلا يدل على شئ ما عداه. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: تعرض المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في المقام للبحث عن جهة أخرى، وهي: أن الطلب هل يتحد مع الإرادة أو لا؟ فيه وجوه وأقوال، قد اختار (قدس سره) القول بالاتحاد، واليك نص مقولته:
(فاعلم: أن الحق كما عليه أهله - وفاقا للمعتزلة، وخلافا للأشاعرة - هو اتحاد الطلب والإرادة، بمعنى: أن لفظيهما موضوعان بإزاء مفهوم واحد، وما بإزاء أحدهما في الخارج يكون بإزاء الآخر، والطلب المنشأ بلفظه أو بغيره عين الإرادة الإنشائية. وبالجملة: هما متحدان مفهوما وإنشاء وخارجا، لا أن الطلب الإنشائي الذي هو المنصرف إليه إطلاقه - كما عرفت - متحد مع الإرادة الحقيقية التي ينصرف إليها إطلاقها أيضا، ضرورة أن المغايرة بينهما أظهر من الشمس وأبين من الأمس.
فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد ففي مراجعة الوجدان عند طلب شئ والأمر به حقيقة كفاية، فلا يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان، فإن الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب غيرها، سوى ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشئ، والميل، وهيجان الرغبة إليه، والتصديق لفائدته، والجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها. وبالجملة: لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها يكون هو الطلب، فلا محيص إلا عن اتحاد الإرادة والطلب، وأن يكون ذاك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة، أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده، لا كذلك مسمى بالطلب والإرادة كما يعبر به تارة، وبها أخرى كما لا يخفى) (1).