وهي الشرائط، حيث قال بخروج الأولى عن محل النزاع، لعدم ملاك الوجوب الغيري فيها دون الثانية (1).
ووجه المناقضة: هو أن الشرائط لو كانت متصفة بالوجوب النفسي فهي كالأجزاء فلا مقتضى عندئذ لاتصافها بالوجوب الغيري.
وثانيا: ما أشرنا إليه في ضمن البحوث السابقة من أن الشرائط بأجمعها خارجة عن المأمور به، والداخل فيه إنما هو تقيده بها (2)، فإذا كيف يعقل أن تكون متعلقة للأمر النفسي كالأجزاء، مع أن بعضها غير اختياري كالقبلة أو ما شاكلها؟
وعلى الجملة: فالملاك في صحة التكليف: هو كون المقيد بما هو مقيد تحت قدرة المكلف واختياره وإن كان القيد خارجا عنه.
فالنتيجة: أن إشكال تأخر الشرط في شرائط المأمور به لا يندفع بما ذكره (قدس سره).
والذي ينبغي أن يقال في المقام: هو أنه لا شأن للشرط هنا إلا كونه قيدا للطبيعة المأمور بها، الموجب لتعنونها بعنوان خاص وتخصصها بالحصة المخصوصة التي يقوم بها ملاك الأمر، فالمأمور به هو تلك الحصة من الكلي، من دون دخل لذلك القيد في الملاك القائم بها أصلا.
ومن الطبيعي أنه لا فرق فيه بين كون ذلك القيد من الأمور المتقدمة أو المقارنة، وبين كونه من الأمور المتأخرة بداهة.
كما أن تقييد الطبيعة المأمور به بالأمور المتقدمة كتقييد الصلاة - مثلا - بالطهارة بناء على ما هو الصحيح من أنها عبارة عن الأفعال الخارجية أو بالأمور المقارنة كتقييدها باستقبال القبلة وبالستر والقيام وما شابه ذلك يوجب تخصصها بحصة خاصة بحيث لا يمكن الإتيان بتلك الحصة إلا مع هذه القيود، ومع انتفائها تنتفي كذا تقييدها بالأمور المتأخرة يوجب تخصصها كذلك، بحيث لو لم يحصل ذلك الأمر المتأخر في موطنه لانكشف عن عدم تحقق تلك الحصة، وذلك كالصوم الواجب على المستحاضة بناء على كونه مشروطا بشرط متأخر وهو الغسل في