للواقع بمقتضى الحجة الثانية، وعليه فلابد من الحكم ببطلانه، ومعه حيث يصدق عنوان فوت الفريضة فبطبيعة الحال يجب القضاء بمقتضى ما دل على أن موضوعه هو فوت الفريضة، فمتى تحقق تحقق وجوب القضاء.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة، وهي: أن مقتضى القاعدة عدم الإجزاء في جميع موارد كشف الخلاف، وعدم مطابقة العمل المأتي به للواقع، سواء كانت من موارد التبدل في الرأي أو من موارد الرجوع إلى مجتهد آخر، بلا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات، والأحكام التكليفية والأحكام الوضعية، وموارد الأصول والأمارات، وموارد كشف الخلاف بالعلم الوجداني وكشف الخلاف بالعلم التعبدي إلا فيما قام دليل خاص على الإجزاء كما قام في خصوص الصلاة، حيث دل حديث " لا تعاد " (1) على عدم وجوب الإعادة في غير الخمسة المذكورة فيها، كما ستجئ الإشارة إلى ذلك من هذه الناحية إن شاء الله تعالى (2).
هذا كله بناء على حجية الأمارات على ضوء نظرية الطريقية والكاشفية.
وأما بناء على حجيتها على ضوء نظرية السببية والموضوعية فينبغي لنا التكلم فيها في مقامين:
الأول: في بيان حقيقة السببية وأقسامها.
الثاني: في بيان ما يترتب على تلك الأقسام.
أما المقام الأول فالسببية على وجوه:
الأول: ما نسب (3) إلى الأشاعرة - وإن كانت النسبة غير ثابتة - من أن الله تعالى لم يجعل حكما من الأحكام في الشريعة المقدسة قبل تأدية نظر المجتهد إلى شئ، وإنما يدور جعله مدار تأدية نظرية المجتهد ورأيه، فكلما أدى إليه رأيه من الوجوب أو الحرمة أو غير ذلك في مورد بسبب قيام أمارة أو أصل جعل