المعلوم أن البراءة الشرعية لا تجري إلا فيما هو مجعول من قبل الشارع.
وقد استطعنا أن نخرج في نهاية المطاف بهذه النتيجة، وهي: أن مقتضى الأصل اللفظي والعملي في المسألة هو التوصلية، فالتعبدية تحتاج إلى دليل. هذا آخر ما أردنا بيانه في التعبدي والتوصلي.
النفسي والغيري إذا علم بوجوب شئ وتردد أمره بين الوجوب النفسي والغيري، أو بين التعييني والتخييري، أو بين العيني والكفائي فما هو مقتضى الأصل والقاعدة في ذلك؟ فهنا مسائل ثلاث:
أما المسألة الأولى - وهي ما إذا دار أمر الوجوب بين النفسي والغيري - فالكلام فيها يقع في موردين:
الأول: في الأصل اللفظي.
والثاني: في الأصل العملي.
أما المورد الأول: فلا ينبغي الشك في أن مقتضى الأصل اللفظي كعموم أو إطلاق هو النفسي، وذلك لأن بيان وجوب الغيري يحتاج إلى مؤنة زائدة باعتبار أنه قيد للواجب النفسي. ومن الواضح أن الإطلاق لا يفي ببيان كونه قيدا له.
وعلى الجملة: فالتقييد يحتاج إلى مؤنة زائدة. مثلا: لو كان لقوله تعالى:
* (وأقيموا الصلاة) * (1) إطلاق فمقتضاه عدم تقييد الصلاة بالطهارة أو نحوها، فالتقييد يحتاج إلى دليل ومؤنة زائدة، والإطلاق ينفيه، ولازم ذلك: هو أن وجوب الطهارة المشكوك نفسي لا غيري، وكذا إذا أخذنا بإطلاق الأمر بالطهارة فإن مقتضاه وجوبها مطلقا، أي: سواء أكانت الصلاة واجبة أم لا، فتقييد وجوبها بوجوب الصلاة يحتاج إلى دليل.
وقد تحصل من ذلك: أنه يمكن إثبات نفسية الوجوب بطريقين:
الأول: الأخذ بإطلاق دليل الواجب النفسي كالصلاة - مثلا - ودفع كل ما