الأول: أن العقوبة والمثوبة ليستا من معاقب ومثيب خارجي، بل هما من تبعات الأفعال ولوازم الأعمال، ونتائج الملكات الرذيلة، وآثار الملكات الفاضلة، ومثل تلك العقوبة على النفس لخطيئتها: كالمرض العارض على البدن لنهمه، والمرض الروحاني: كالمرض الجسماني، والأدوية العقلائية كالأدوية الجسمانية. ولا استحالة في استلزام الملكات النفسانية الرذيلة للآلام الجسمانية والروحانية في تلك النشأة، أي: النشأة الأخروية. كما أنها تستلزم في هذه النشأة الدنيوية، ضرورة أن تصور المنافرات كما يوجب الآلام النفسانية كذلك يوجب
____________________
حياته الحيوانية، وتحصل هذه الصفات والملكات والقوى له بمرور الأيام وطول الزمن، وبطبيعة الحال أن صفتي السعادة والشقاوة لو كانتا ذاتيتين له لكان الإنسان واجدا لهما من تلك اللحظة وهو كما ترى. ومن هنا لا يصح إطلاق الشقي عليه منذ تلك اللحظة، وكذلك السعيد.
وعلى هذا الضوء فلا مناص من الالتزام بأنهما كسائر الملكات النفسانية تحصل لنفس الإنسان من مزاولة الأعمال الخارجية، مثلا: تحصل صفة الشقاوة لها من مزاولة الأعمال السيئة، وصفة السعادة من مزاولة الأعمال الحسنة، وليس لهما واقع موضوعي غير هذا.
وقد تحصل من ذلك: أن هذا البيان التحليلي قرينة على حمل الصحيحة على ما ذكر آنفا مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها وبيان المراد منها.
وأما الرواية الثانية: فهي لا تدل بوجه على أنهما صفتان ذاتيتان للإنسان، بداهة أنها لا تتعرض لهما لا تصريحا ولا تلويحا فكيف تكون ناظرة إليهما ودالة على كونهما ذاتيتين؟ بل هي ناظرة إلى اختلاف أفراد الإنسان بحسب الملكات والكمالات النفسانية، ومراتبها الدانية والعالية، كاختلاف الذهب والفضة.
فالنتيجة من مجموع ما ذكرناه قد تبين: أن القول بكون صفتي السعادة والشقاوة ذاتيتين للإنسان لا يخرج عن مجرد الفرض والخيال.
وأما النقطة الخامسة: فقد ظهر خطؤها من ناحيتين:
الأولى: أن الشقاوة ليست صفة ذاتية للإنسان ليكون في انتهاء العقاب إليها القضاء الحاسم على قاعدة قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار.
الثانية: أن العقاب لا يعقل أن يكون من لوازم تلك الصفة على نحو العلة التامة، بل هو من معاقب خارجي كما تقدم بشكل مفصل.
وعلى هذا الضوء فلا مناص من الالتزام بأنهما كسائر الملكات النفسانية تحصل لنفس الإنسان من مزاولة الأعمال الخارجية، مثلا: تحصل صفة الشقاوة لها من مزاولة الأعمال السيئة، وصفة السعادة من مزاولة الأعمال الحسنة، وليس لهما واقع موضوعي غير هذا.
وقد تحصل من ذلك: أن هذا البيان التحليلي قرينة على حمل الصحيحة على ما ذكر آنفا مع قطع النظر عما ورد في تفسيرها وبيان المراد منها.
وأما الرواية الثانية: فهي لا تدل بوجه على أنهما صفتان ذاتيتان للإنسان، بداهة أنها لا تتعرض لهما لا تصريحا ولا تلويحا فكيف تكون ناظرة إليهما ودالة على كونهما ذاتيتين؟ بل هي ناظرة إلى اختلاف أفراد الإنسان بحسب الملكات والكمالات النفسانية، ومراتبها الدانية والعالية، كاختلاف الذهب والفضة.
فالنتيجة من مجموع ما ذكرناه قد تبين: أن القول بكون صفتي السعادة والشقاوة ذاتيتين للإنسان لا يخرج عن مجرد الفرض والخيال.
وأما النقطة الخامسة: فقد ظهر خطؤها من ناحيتين:
الأولى: أن الشقاوة ليست صفة ذاتية للإنسان ليكون في انتهاء العقاب إليها القضاء الحاسم على قاعدة قبح العقاب على أمر خارج عن الاختيار.
الثانية: أن العقاب لا يعقل أن يكون من لوازم تلك الصفة على نحو العلة التامة، بل هو من معاقب خارجي كما تقدم بشكل مفصل.