ومن ناحية أخرى: أن تلك الأعمال تنتهي بالأخرة إلى الشقاوة التي هي ذاتية للإنسان والذاتي لا يعلل.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي أنه لا إشكال لا من جانب العقاب حيث إنه من لوازم الأعمال وآثارها، ولا من جانب تلك الأعمال حيث إنها تنتهي في نهاية المطاف إلى الذات.
ولنأخذ بالمناقشة على هذه النظرية:
أولا: أنها مخالفة صريحة لنصوص الكتاب والسنة، حيث إن لازمها عدم إمكان العفو بالشفاعة ونحوه، مع أنهما قد نصتا على ذلك، وأن العقاب بيده تعالى وله أن يعاقب وله أن يعفو، فهو فعل اختياري له سبحانه.
وعلى الجملة: فلا ينبغي الشك في بطلان هذه النظرية على ضوء الكتاب والسنة.
وثانيا: أنها لا تحل مشكلة العقاب على أمر غير اختياري، فتبقى تلك المشكلة على حالها، بل هي تؤكدها كما هو واضح.
نعم، لو كان مراده (قدس سره) من تبعية العقاب للكفر والعصيان التبعية على نحو الاقتضاء فلا إشكال فيها من الناحية الأولى، ولا تكون مخالفة للكتاب والسنة، فيبقى الإشكال فيها من الناحية الثانية، وهي: أن الأعمال إذا كانت غير اختيارية فكيف يعقل العقاب عليها؟ (1).
____________________
(1) لا بأس بالتعرض لما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في المقام ونقده بشكل موسع، وإليك نص قوله:
(وأما الدفع: فهو أن استحالة التخلف إنما تكون في الإرادة التكوينية وهو العلم بالنظام على النحو الكامل التام، دون الإرادة التشريعية وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلف، ومالا محيص عنه في التكليف إنما هو هذه الإرادة التشريعية، لا التكوينية، فإذا توافقتا فلابد من الإطاعة والإيمان، وإذا تخالفتا فلا محيص عن أن يختار الكفر والعصيان.
إن قلت: إذا كان الكفر والعصيان والإيمان والإطاعة بإرادته تعالى التي لا تكاد تتخلف
(وأما الدفع: فهو أن استحالة التخلف إنما تكون في الإرادة التكوينية وهو العلم بالنظام على النحو الكامل التام، دون الإرادة التشريعية وهو العلم بالمصلحة في فعل المكلف، ومالا محيص عنه في التكليف إنما هو هذه الإرادة التشريعية، لا التكوينية، فإذا توافقتا فلابد من الإطاعة والإيمان، وإذا تخالفتا فلا محيص عن أن يختار الكفر والعصيان.
إن قلت: إذا كان الكفر والعصيان والإيمان والإطاعة بإرادته تعالى التي لا تكاد تتخلف