وأما على الوجه الرابع فأيضا الأمر كذلك، حيث إن حاله بعينه هو حال الوجه الثالث في الوجوب التخييري، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا، غاية الأمر أن الأول متعلق بالمأمور به، والثاني بالمكلفين.
وعلى الجملة: ففيما إذا ورد الأمر متوجها إلى شخص خاص أو صنف مخصوص وشككنا في أنه كفائي أو عيني - يعني: أن موضوعه هو الجامع بينه وبين غيره، أو خصوص هذا الفرد أو ذاك الصنف - فلا مانع من التمسك بالإطلاق لإثبات كونه عينيا.
ويمكن أن يقرب هذا بوجه آخر، وهو: أن ظاهر الأمر المتوجه إلى شخص خاص أو صنف مخصوص هو أن لخصوص عنوانه دخلا في الموضوع، ومتى لم تكن قرينة على عدم دخله وأن الموضوع هو طبيعي المكلف فإطلاق الدليل يقتضي دخله، ولازم ذلك هو كون الوجوب عينيا لا كفائيا.
وأما الكلام في المورد الثاني - وهو مقتضى الأصل العملي - فيقع في مبحث البراءة والاشتغال (1). وسيجئ - إن شاء الله تعالى - أن مقتضى الأصل هناك البراءة دون الاشتغال.
إلى هنا قد استطعنا أن نصل إلى هذه النتيجة، وهي: أن مقتضى الأصل اللفظي في المسائل الثلاث هو كون الواجب نفسيا تعيينيا عينيا.
الأمر عقيب الحظر إذا وقع الأمر عقيب الحظر أو توهمه فهل يدل على الوجوب كما نسب إلى كثير من العامة (2)، أو على الإباحة كما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب، أو هو تابع لما قبل النهي إن علق الأمر بزوال علة النهي لا مطلقا؟ وجوه، بل أقوال.
والتحقيق: هو أنه لا يدل على شئ من ذلك من دون فرق بين نظريتنا في مفاد الصيغة وما شاكلها، ونظرية المشهور في ذلك.