إلى هنا قد استطعنا أن نصل إلى هذه النتيجة، وهي: أن مقتضى القاعدة عند الشك في اعتبار أمارة وأنه على نحو السببية أو على نحو الطريقية هو الإجزاء إعادة وقضاء فالتفصيل بينهما - كما عن المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) - خاطئ، ولا واقع له أصلا.
لا بأس بالإشارة إلى عدة خطوط:
الأول: ما أفاده صاحب الكفاية (قدس سره) من أن محل النزاع في الإجزاء وعدمه إنما هو في الأمارات القائمة على متعلقات الأحكام، كما لو قامت على عدم شرطية شئ - مثلا - وكان في الواقع شرطا، أو قامت على عدم جزئية شئ كالسورة - مثلا - وكان في الواقع جزءا، وهكذا من دون فرق في ذلك بين القول بحجيتها من باب السببية والقول بحجيتها من باب الطريقية، غاية الأمر أنها تفيد الإجزاء على الفرض الأول، ولا تفيده على الفرض الثاني.
وأما الأمارات القائمة على نفس الأحكام الإلهية - كما لو فرض قيامها على وجوب صلاة الجمعة مثلا - فهي خارجة عن محل النزاع، ولا تفيد الإجزاء مطلقا ولو على القول بالسببية (1).
والوجه في ذلك: هو أن قيامها عليه وإن أوجب حدوث مصلحة ملزمة فيها على ضوء هذا القول إلا أن تلك المصلحة أجنبية عن مصلحة الواقع، ولا صلة لها بها أصلا، وعليه فبطبيعة الحال لا يكون الإتيان بها مجزيا عن الواقع بعد فرض بقائه على ما هو عليه من الملاك. نعم، في خصوص هذا المثال قد قام دليل من الخارج على عدم وجوب كلتيهما في يوم واحد.
وأما في غير هذا المثال فلا مانع من الالتزام بتعدد الواجب عند قيام الأمارة على وجوب شئ آخر غير ما هو واجب في الواقع، كما إذا افترضنا أن الواجب في الواقع هو إكرام زيد العالم مثلا، ولكن الأمارة قامت على وجوب إعطاء درهم