ولكن للمناقشة في كلا الأمرين مجالا واسعا.
أما الأول: فلما ذكرناه في محله: من أنه لا أساس لهذا التفصيل أصلا، وأنه لا فرق بين المعصية الكبيرة والصغيرة من هذه الناحية، فكما أن الأولى توجب الفسق والخروج عن جادة الشرع يمينا وشمالا فكذلك الثانية.
وبكلمة أخرى: قد ذكرنا غير مرة: أن الفسق عبارة عن خروج الشخص عن جادة الشرع يمينا وشمالا، ويقابله العدل فإنه عبارة عن الاستقامة في الجادة وعدم الخروج عنها كذلك (1). ومن البديهي أن المعصية الصغيرة - كالكبيرة - توجب الفسق والخروج عن الجادة، فإذا لا تترتب هذه الثمرة على القول بوجوب المقدمة أصلا كما هو ظاهر.
وأما الثاني: فلأن الإصرار على المعصية عبارة - عرفا - عن ارتكابها مرة بعد أخرى، وأما ارتكاب معاص عديدة مرة واحدة فلا يصدق عليه الإصرار يقينا، بداهة أن من نظر إلى جماعة من النساء الأجنبيات دفعة واحدة وإن كان يرتكب معاصي عديدة إلا أنه لا يصدق على ذلك الإصرار، وعليه فلا ثمرة.
ولو تنزلنا عن جميع ذلك فأيضا لا مجال لها، لما قد عرفت من أنه لا معصية في ترك المقدمة بما هو مقدمة وإن قلنا بوجوبها حتى يحصل الإصرار على المعصية، ضرورة أن المدار في حصول المعصية وهتك المولى إنما هو بمخالفة الأمر النفسي، فلا أثر لمخالفة الأمر الغيري بما هو أمر غيري أصلا (2).
أضف إلى ما ذكرناه: أن هذه الثمرة على تقدير تسليمها لا تصلح أن تكون ثمرة للمسألة الأصولية.
الثمرة السابعة: أن المقدمة إذا كانت محرمة فعلى القول بوجوبها يلزم اجتماع الأمر والنهي دون القول بعدم الوجوب.