الرابع: في بيان المراد من الإجزاء، الظاهر أنه لم يثبت له معنى اصطلاحي خاص في مقابل معناه اللغوي ليكون هذا المعنى الاصطلاحي هو المراد منه في المقام، بل المراد منه هو معناه اللغوي، وهو الكفاية، غاية الأمر أن متعلقها يختلف باختلاف الموارد، فقد يكون متعلقه القضاء، وقد يكون الإعادة، فإجزاء المأتي به عن المأمور به هو كفايته عما أمر به إعادة وقضاء، أو قضاء فقط فيما إذا دل الدليل على وجوب الإعادة دونه، وذلك كمن صلى في الثوب المتنجس نسيانا، حيث إنه على المشهور إذا تذكر في الوقت وجبت الإعادة عليه، وإذا تذكر في خارج الوقت لم يجب القضاء، وإن كان الأقوى عندنا وجوبه، أو المسافر الذي يتم في السفر نسيانا، أو جهلا بالموضوع، حيث إنه إذا تذكر أو ارتفع جهله في الوقت وجبت الإعادة عليه، وإن تذكر أو ارتفع في خارج الوقت لم يجب القضاء، وهكذا، فإجزاء المأتي به عن المأمور به في أمثال الموارد هو كفايته عما أمر به قضاء لا إعادة.
الخامس: قد يتوهم أنه لا فرق بين هذه المسألة ومسألة المرة والتكرار بدعوى: أن القول بالإجزاء موافق للقول بالمرة، والقول بعدم الإجزاء موافق للقول بالتكرار، فإذا لا وجه لعقدهما مسألتين مستقلتين، بل ينبغي عقدهما مسألة واحدة.
كما أنه قد يتوهم عدم الفرق بينها وبين مسألة تبعية القضاء للأداء، باعتبار أن القائل بالتبعية يلتزم ببقاء الأمر في خارج الوقت عند عدم امتثاله في الوقت، وهو متحد في النتيجة مع القائل بعدم الإجزاء، وعليه فلا فرق بين مسألتنا هذه وتلك المسألة. ولكن كلا التوهمين خاطئ جدا.
أما الأول: فلأن القول بالإجزاء وإن كان موافقا في النتيجة مع القول بالمرة، كما أن القول بعدم الإجزاء موافق في النتيجة مع القول بالتكرار إلا أن مجرد ذلك لا يوجب اتحاد المسألتين، وذلك لما تقدم (1) في ضمن البحوث السابقة: من أن