صادران من الفاعل، غاية الأمر كان صدور أحدهما منه حسنا، وصدور الآخر قبيحا.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي: أن الواجب التوصلي على أنواع:
منها: ما يسقط عن ذمة المكلف بصرف وجوده في الخارج، سواء أكان بفعل نفسه أم كان بفعل غيره، وسواء أكان في ضمن فرد مباح أم كان في ضمن فرد محرم.
ومنها: ما لا يسقط إلا بفعل المكلف نفسه.
ومنها: ما لا يسقط إلا في ضمن فرد مباح فلا يسقط في ضمن فرد حرام.
نعم، يشترك الجميع في نقطة واحدة، وهي: عدم اعتبار قصد القربة في صحتها.
ومن هنا يظهر: أنه لا أصل لما اشتهر في الألسنة: من أن الواجب التوصلي ما يسقط عن المكلف ويحصل الغرض منه بمجرد وجوده وتحققه في الخارج. هذا آخر ما أوردناه في المقام الأول.
وأما الكلام في المقام الثاني: فلا شبهة في أن الواجب في الشريعة المقدسة بل في كافة الشرائع على نوعين: تعبدي، وتوصلي.
والأول ما يتوقف حصول الغرض منه على قصد التقرب، وذلك كالصلاة والصوم والحج والزكاة والخمس وما شاكل ذلك.
والثاني ما لا يتوقف حصوله على ذلك كما عرفت، ومنه وجوب الوفاء بالدين، ورد السلام، ونفقة الزوجة، وهذا القسم هو الكثير في الشريعة المقدسة، وجعله من الشارع رغم أنه لا يعتبر فيه قصد التقرب إنما هو لأجل حفظ النظام وإبقاء النوع، ولولاه لاختلت نظم الحياة المادية والمعنوية.
وبعد ذلك نقول: مرة يعلم المكلف بأن هذا الواجب توصلي وذاك تعبدي، ولا كلام فيه. ومرة أخرى لا يعلم به ويشك، والكلام في المقام إنما هو في ذلك، وهو