العلم بوقوعها إلى القبلة أو في غير ذلك من موارد العلم الإجمالي فهي أيضا لا شبهة في خروجها عن مورد البحث، وذلك لأن الصلاة التي وقعت إلى القبلة في المثال هي نفس الواجب وليست مقدمة له، وأما غيرها فهي مغايرة للواجب ولا تكون مقدمة له، وإنما هي مقدمة لحصول العلم بالواجب وفراغ الذمة والأمن من العقاب.
وأما مقدمة الوجود - وهي التي يتوقف وجود الواجب على وجودها خارجا بحيث لولاها لما حصل الواجب نفسه - فهي تعود إلى المقدمة الخارجية بالمعنى الأخص، وهي التي خارجة عن المأمور به قيدا وتقيدا.
وأما مقدمة الصحة - وهي التي تتوقف صحة الواجب عليها - فهي تعود إلى المقدمة الخارجية بالمعنى الأعم، وهي التي خارجة عن المأمور به قيدا وداخلة فيه تقيدا.
فالنتيجة: أنه لا بأس بهذا التقسيم. نعم، لا وقع لتقسيمها ثالثا إلى الشرعية والعقلية والعادية، وذلك لأن الأولى بعينها هي المقدمة الخارجية بالمعنى الأعم، وليست مقدمة أخرى في مقابلها. والثانية هي المقدمة الخارجية بالمعنى الأخص.
وأما الثالثة: فإن أريد منها ما جرت العادة على الإتيان بها من دون توقف الواجب عليها خارجا فلا شبهة في خروجها عن مورد النزاع. وإن أريد منها ما يستحيل وجود الواجب في الخارج بدونها عادة وإن لم يستحل عقلا، وذلك كالكون على السطح مثلا حيث إنه بلا طي المسافة محال عقلي، لاستحالة الطفرة، ولكنه بلا نصب السلم محال عادي، ضرورة إمكان الطيران ذاتا.
وبكلمة أخرى: تارة يكون الشئ ممتنعا ذاتا كاجتماع النقيضين، ووجود الممكن بلا علة وما شاكل ذلك.
واخرى يكون ممتنعا وقوعا وإن كان في ذاته ممكن، وذلك ككون الإنسان على السطح بدون طي المسافة فإنه ممتنع عقلا، حيث يلزم من فرض وقوعه في الخارج محال وهو الطفرة.