التكليف. وبما أن التكليف لم يتعلق بذات الفعل على الإطلاق وإنما تعلق بإيقاعه في زمن خاص فعلم من ذلك أن للزمان دخلا في ملاكه، وإلا فلا مقتضى لأخذه في موضوعه، وعليه فبطبيعة الحال يكون مشروطا به، غاية الأمر على نحو الشرط المتأخر. ومن هنا إذا افترضنا عدم مجئ هذا الزمان الخاص وعدم تحققه في الخارج من جهة قيام الساعة، أو افترضنا أن المكلف حين مجيئه خرج عن قابلية التكليف بجنون أو نحوه كشف ذلك عن عدم وجوبه من الأول.
فالنتيجة: أن هذا قسم من الواجب المشروط بالشرط المتأخر، لا من الواجب المطلق، فإن المشروط بالشرط المتأخر على نوعين: قد يكون متعلق الوجوب فيه أمرا حاليا، وقد يكون أمرا استقباليا كالحج في يوم عرفة، وكلاهما مشروط، فما سماه في الفصول بالمعلق هو بعينه هذا النوع الثاني من المشروط بالشرط المتأخر، وعليه فجعله من المطلق خطأ محض، وقد ذكرنا: أنه لا بأس بالالتزام به ثبوتا (1).
نعم، وقوعه في الخارج يحتاج إلى دليل. وقد أشرنا إلى أن ظاهر قوله تعالى:
* (ولله على الناس حج البيت... إلى آخره) * (2) وقوله عز وجل: * (فمن شهد منكم الشهر.. إلى آخره) * (3) هو ذلك (4).
وقد تحصل من ذلك: أنه لا يرد على هذا التقسيم شئ عدا ما ذكرناه.
وكيف كان، فقد يقال كما قيل باستحالة هذا النوع من الواجب، واستدل على ذلك بعدة وجوه:
الأول: ما حكاه المحقق صاحب الكفاية (5) (قدس سره) عن بعض معاصريه (6)، وملخصه: أن الإرادة لا يمكن أن تتعلق بأمر متأخر، بلا فرق بين الإرادة التكوينية