مقدورة لله تعالى وبين وقوعها خارجا بإعمال قدرته.
وعليه، فما ذكره من الكبرى وهي: استحالة اجتماع قدرتين مؤثرتين على مقدور واحد خاطئ جدا.
نعم، لو أراد من القدرة المؤثرة إعمالها خارجا فالكبرى المزبورة وإن كانت تامة إلا أنها فاسدة من ناحية أخرى، وهي: أن أفعال العباد لا تقع تحت مشيئة الله وإعمال قدرته على ما سنذكره (1) إن شاء الله تعالى، وإنما تقع مبادئها تحت مشيئته وإعمال قدرته لأنفسها، فإذا لا يلزم اجتماع قدرتين مؤثرتين على شئ واحد.
لحد الآن قد تبين بطلان هذه الوجوه وعدم إمكان القول بشئ منها.
ثم إن من الغريب ما نسب في شرح المواقف إلى أبي الحسن الأشعري، واليك نصه: (إن أفعال العباد واقعة بقدرة الله تعالى وحدها، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل الله سبحانه أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما، فيكون فعل العبد مخلوقا لله إبداعا وإحداثا ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه: مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له، وهذا مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري) (2).
ووجه الغرابة: أما أولا: فلا دليل على ثبوت هذه العادة لله تعالى.
وأما ثانيا: فقد قام البرهان القطعي على عدم واقع موضوعي لها أصلا.
توضيح ذلك: أن الكلام من هذه الناحية تارة يقع في المعاليل الطبيعية المترتبة على عللها. واخرى في الأفعال الاختيارية.
أما الأولى: فلأنها تخضع لقوانين طبيعية ونظم خاصة أودعها الله تعالى في كمون ذاتها وطبائعها ضمن إطار معين، وهي مبدأ السنخية والتناسب.
والسر في ذلك: أن العلل تملك معاليلها في واقع ذواتها وكمون طبائعها بالنحو