فإذا ما هو جوابه عن ذلك فهو جوابنا عن المسألة.
وثانيا: بالحل، وملخصه: هو ما عرفت من أن الواجب على هذا القول هو حصة خاصة من المقدمة، وهي التي يكون وجودها توأما وملازما لوجود ذي المقدمة في الخارج وواقعا في سلسلة العلة التامة لوجوده، فإذا كانت منفكة عن ذلك ووقعت مجردة عن بقية أجزاء العلة التامة فبما أن الغرض الداعي إلى إيجابها لم يترتب عليها عندئذ فلا محالة لا تقع في الخارج على صفة الوجوب، وعليه فبطبيعة الحال يستند سقوط الأمر الغيري إلى العصيان أو نحوه، لا إلى الإتيان بالمقدمة، لفرض أنه لم يأت بما هو الواجب منها (1).
فالنتيجة: أن وجود الواجب النفسي في الخارج كاشف عن تحقق المقدمة فيه، وعدم وجوده كاشف عن عدم تحققها، كالشرط المتأخر.
ومن ذلك يظهر الحال في أجزاء الواجب النفسي، فإن كل واحد منها إنما يقع على صفة الوجوب إذا وقع في الخارج منضما إلى بقية أجزائه. وأما إذا وقع منفكا عنها فلا يقع على هذه الصفة، لفرض أنه ليس بجزء من الواجب.
أدلة صاحب الفصول استدل صاحب الفصول (قدس سره) على إثبات نظريته بأمور:
الأول: أن الحاكم بالملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدماته إنما هو العقل، ومن الطبيعي أنه لا يدرك أزيد من الملازمة بين طلب شئ وطلب مقدماته التي في سلسلة علة وجود ذلك الشئ في الخارج بحيث يكون وجودها فيه توأما وملازما لوجود الواجب. وأما ما لا يقع في سلسلة علته ويكون وجوده خارجا مفارقا عن وجود الواجب فالعقل لا يدرك الملازمة بين إيجابه وإيجاب ذلك أبدا (2).