بالمقدمة، لوضوح أنه يكفي في التمكن من الإتيان بالواجب النفسي وامتثاله التمكن من الإتيان بمقدمته، فإن المقدور بالواسطة مقدور.
أضف إلى ذلك: أن القدرة على الواجب لو كانت متوقفة على الإتيان بالمقدمة لجاز للمكلف تفويت الواجب بترك مقدمته، بداهة أن القدرة ليست بواجبة التحصيل.
فالنتيجة: أن ما أفاده (قدس سره) لا يمكن أن يكون غرضا لإيجابها، بل الغرض منه ليس إلا إيصالها إلى الواجب، حيث إن الاشتياق إلى شئ لا ينفك عن الاشتياق إلى ما يقع في سلسلة علة وجوده دون ما لا يقع في سلسلتها.
الرابعة: ما أورده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) أيضا، وحاصله: هو أن المكلف إذا جاء بالمقدمة مع عدم الإتيان بذيلها - وهو الواجب النفسي - فلا يخلو الحال من أن يلتزم بسقوط الأمر الغيري عنها، أو بعدم السقوط، ولا مجال للثاني، لأنه موجب للتكرار.
وعلى الأول: فإما أن يكون السقوط للعصيان، أو لفقد الموضوع، أو لموافقة الخطاب، والأول غير حاصل، لفرض الإتيان بالمقدمة، وكذا الثاني، فيتعين الثالث، وهذا هو المطلوب، إذ لو كان الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة لم يسقط الأمر الغيري، فالسقوط كاشف عن أن الواجب هو مطلق المقدمة ولو لم توصل إلى ذيها (1).
والجواب عنه: أولا بالنقض بأجزاء الواجب المركب، كالصلاة - مثلا - فإن المكلف إذا جاء بأول جزء منها ولم يأت ببقية الأجزاء فبطبيعة الحال يسأل عنه أنه هل يلتزم بسقوط الأمر الضمني المتعلق به أولا يلتزم به؟
والثاني لا يمكن، لاستدعائه التكرار، وعلى الأول فالسقوط لا يخلو من أن يكون بالعصيان، أو بانتفاء الموضوع، أو بالامتثال، ولا يمكن الالتزام بشئ منها،