فبطبيعة الحال تكون مسبوقة بالعدم. ومن الطبيعي أن ما يكون مسبوقا به ممكن فلا يصلح أن يكون علة للعالم ومبدأ له. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه لا علة له. فالنتيجة على ضوئهما: هي وجود الممكن بلا علة وسبب، وهو محال، كيف؟ حيث إن في ذلك القضاء المبرم على مبدأ العلية.
فإذا على القائلين بهذه النظرية أن يلتزموا بأحد أمرين: إما بالقضاء على مبدأ العلية، أو بالتسلسل، وكلاهما محال.
الرابع: أن لازم هذه النظرية انتفاء العلة بانتفاء شئ من تلك السلسلة.
بيان ذلك: أن هذه السلسلة والحلقات حيث إنها جميعا معاليل لعلة واحدة ونواميس خاصة لها ترتبط بها ارتباطا ذاتيا وتنبثق من صميم ذاتها ووجودها فيستحيل أن تتخلف عنها، كما يستحيل أن تختلف. وعلى هذا الضوء إذا انتفى شئ من تلك السلسلة فبطبيعة الحال يكشف عن انتفاء العلة، ضرورة استحالة انتفاء المعلول مع بقاء علته وتخلفه عنها. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه لا شبهة في انتفاء الأعراض في هذا الكون، ومن الطبيعي أن انتفاءها من ناحية انتفاء علتها، وإلا فلا يعقل انتفاؤها، فالتحليل العلمي في ذلك أدى في نهاية المطاف إلى انتفاء علة العلل وعلى هذا الأساس فلا يمكن تفسير انتفاء بعض الأشياء في هذا الكون تفسيرا يتلائم مع هذه النظرية.
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي أن تلك النظرية خاطئة جدا ولا واقع موضوعي لها أصلا.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي: بطلان نظرية الجبر مطلقا، يعني: في إطارها الأشعري والفلسفي، وأنها نظرية لا تطابق الواقع الموضوعي، ولا الوجدان، ولا البرهان المنطقي.
(4) نظرية المعتزلة " مسألة التفويض " ونقدها ذهب المعتزلة إلى أن الله سبحانه وتعالى قد فوض العباد في أفعالهم