قاصدا به تلك الغايات، بل أتى بغاية أخرى، فلو توضأ لغاية خاصة كقراءة القرآن - مثلا - لم يجز له الدخول في الصلاة بذلك الوضوء...، وهكذا.
ثم إنه (قدس سره) أشكل على ذلك: بأن هذا لا يتم في الوضوء، حيث إنه حقيقة واحدة وماهية فاردة، فإذا جاء به بأية غاية مشروعة لترتبت عليه الطهارة، ومعه يصح الإتيان بكل ما هو مشروط بها، فإذا لا تكون لاعتبار قصد التوصل إلى غاية خاصة ثمرة في الوضوء.
نعم، يتم ذلك في باب الأغسال حيث إنها حقائق متباينة وماهيات متعددة وإن اشتركت في اسم واحد، وعليه فلو اغتسل لغاية خاصة فلا يجوز له الدخول إلى غاية أخرى، فثمرة اعتبار قصد التوصل تظهر هنا (1).
وأورد عليه شيخنا الأستاذ (قدس سره): بأن ما أفاده بالإضافة إلى الوضوء وإن كان متينا جدا فلا مناص عنه إلا أن ما أفاده بالإضافة إلى الأغسال من الغرائب، فإن الاختلاف في أن الأغسال حقيقة واحدة أو حقائق متعددة إنما هو باعتبار اختلاف أسبابها، كالجنابة والحيض والنفاس ونحو ذلك، لا باعتبار غاياتها المترتبة عليها، ضرورة أنه لم يحتمله أحد فضلا عن القول بأن الأغسال حقائق متعددة باعتبار تعدد غاياتها، فهي من ناحية الغايات لا فرق بينها وبين الوضوء أصلا (2).
فالنتيجة: أن ما استبعده شيخنا الأستاذ (قدس سره) في محله.
وأما القول الثالث - وهو قول صاحب الفصول (قدس سره): من أن الواجب هو حصة خاصة من المقدمة، وهي الحصة الموصلة، أي: الواقعة في سلسلة علة وجود ذيها دون غيرها من الحصص - فقد نوقش فيه عدة مناقشات:
الأولى: ما عن شيخنا الأستاذ من أن تخصيص الوجوب بخصوص هذه الحصة يستلزم أحد محذورين: إما الدور، أو التسلسل، وكلاهما محال.
أما الأول: فلأن مرد هذا القول إلى كون الواجب النفسي مقدمة للمقدمة،