نصا على أن العقاب بيده تعالى، وله أن يعاقب وله أن يعفو.
وعلى الجملة: فالمجيب بهذا الجواب وإن كان يدفع مسألة قبح العقاب على الأمر الخارج عن الاختيار - حيث إن العقاب على أساس ذلك صورة أخروية للأعمال الخارجية اللازمة لها، الخارجة عن اختيار المعاقب الخارجي فلا يتصف بالقبح - إلا أنه لا يعالج مشكلة لزوم لغوية بعث الرسل وإنزال الكتب.
وقد تحصل من جميع ما ذكرناه في نهاية المطاف: أن الالتزام باستحقاق العقاب من معاقب خارجي وحسنه لا يمكن إلا على ضوء نظريتي الإمامية والمعتزلة. وأما على ضوء نظريتي الأشاعرة والفلاسفة فلا يمكن حل هذه المشكلة إلا بوجه غير ملائم لأساس الأديان والشرائع.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بعدة نتائج:
الأولى: أن إرادته تعالى عبارة عن المشيئة وإعمال القدرة والسلطنة، وهي فعله سبحانه وتعالى. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن الشوق المؤكد لا يعقل أن يكون إرادة له تعالى.
ومن ناحية ثالثة: أن إرادته سبحانه ليست من الصفات العليا الذاتية.
ومن ناحية رابعة: أن الكتاب والسنة ينصان على أن إرادته تعالى فعله.
ومن ناحية خامسة: أنه لا وجه لحمل الكتاب والسنة على بيان الإرادة الفعلية دون الذاتية كما عن الفلاسفة وجماعة من الأصوليين، وذلك:
أولا: لعدم الدليل على كون إرادته تعالى ذاتية، بل قد تقدم عدم تعقل معنى صحيح لذلك.
وثانيا: أن في نفس الروايات ما يدل على نفي الإرادة الذاتية.
الثانية: أن تفسير الإرادة بالعلم بالنظام الكامل التام من ناحية - كما عن المحقق صاحب الكفاية (1) (قدس سره) - وبالرضا والابتهاج من ناحية أخرى - كما عن شيخنا المحقق (2) (قدس سره) - تفسير خاطئ لا واقع موضوعي له.