الليل اللاحق، فإن معنى كونه مشروطا به: هو أن الواجب عليها حصة خاصة من الصوم، وهي الحصة المقيدة به بحيث يكون التقيد داخلا والقيد خارجا. ومن الواضح أنه لا يمكن حصول تلك الحصة في الخارج بدون الإتيان به، فلو صامت المستحاضة في النهار فإن أتت بالغسل في الليل لانكشف ذلك عن حصول تلك الحصة من الصوم الواجبة عليها، وإن لم تأت به لانكشف عن عدم حصولها، وأن ما أتت به هو حصة أخرى مبائنة للحصة المأمور بها.
وعلى الجملة: فباب الأحكام الشرعية باب الاعتبارات، وهو أجنبي عن باب التأثير والتأثر، ولا صلة لأحد البابين بالآخر أبدا، فلا مانع من تقييد الشارع متعلقها بأمر متأخر، كما أنه لا مانع من تقييدها بأمر مقارن أو متقدم، لما عرفت من أن مرد تقييده بأمر متأخر هو أنه بوجوده المتأخر يكشف عن وجود الواجب في ظرفه، كما أن عدم وجوده كذلك يكشف عن عدم تحققه فيه باعتبار أن تقيده به كان جزءه.
فالنتيجة: أنه لا فرق بين القيد المقارن والمتقدم والمتأخر من هذه الناحية أصلا، ولا وجه لتوهم استحالة القيد المتأخر إلا من ناحية إطلاق لفظ الشرط عليه، زاعما أن المراد منه ما كان له دخل في تأثير المقتضي فيكون من أجزاء العلة التامة، فلا يعقل تأخره عن وجود المعلول. ولكن قد تبين مما تقدم أن المراد من الشرط هنا معنى آخر، وهو: ما يكون تقيده دخيلا في الواجب دون نفس القيد، وعليه فبطبيعة الحال لا يضر تقدمه عليه وتأخره عنه خارجا.
ومن ذلك يظهر أن المغالطة في المقام إنما نشأت من الاشتراك اللفظي، حيث قد اخذ الشرط في الصغرى - وهي قوله: هذا شرط - بمعنى، وفي الكبرى - وهي قوله: كل شرط مقدم على المشروط - بمعنى آخر، فلم يتكرر الحد الوسط، وبدونه فلا نتيجة.
وأما شرائط الحكم - سواء أكان حكما تكليفيا أم كان وضعيا - فقد ذكر المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) ما إليك نصه: