توضيح البطلان ما عرفت: من أن هذا القول يقوم على أساس أن يكون المجعول في باب الأمارات بمقتضى أدلة حجيتها هو نفس المؤدى، وقد تقدم بشكل موسع أنه لا عين ولا أثر له فيها أصلا (1).
فإذا لا موجب للقول بالإجزاء في الشبهات الموضوعية، فحالها من هذه الناحية حال الشبهات الحكمية، على أن وجوب العمل على طبقها مطلقا لا يستلزم التصويب كما لا يخفى.
الرابع: أنه لا فرق فيما ذكرناه من عدم الإجزاء على ضوء نظرية الطريقية والكاشفية في باب الأمارات بين المجتهد والمقلد، فكما أن المجتهد إذا تبدل رأيه واجتهاده برأي آخر واجتهاد ثان وجبت الإعادة عليه في الوقت والقضاء في خارجه فكذلك المقلد إذا عدل عن مجتهد لأحد موجبات العدول إلى مجتهد آخر وكان مخالفا له في الفتوى وجبت عليه إعادة الأعمال الماضية.
ودعوى: أن حجية فتاوى المجتهدين على المقلدين كانت من باب السببية والموضوعية وهي تستلزم الإجزاء على الفرض خاطئة جدا، لوضوح أنه لا فرق بينها وبين الأمارات القائمة عند المجتهدين، كيف؟ فإن عمدة الدليل على حجيتها إنما هي السيرة العقلائية الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم، وقد تقدم أن القول بالسببية يقوم على أساس جعل المؤدى، ومن الطبيعي أنه ليس في السيرة العقلائية لجعل المؤدى عين ولا أثر (2).
الخامس: أن ثبوت الحكم الظاهري عند شخص بواسطة قيام الأمارة عليه هل هو نافذ في حق غيره؟ وذلك كما إذا قامت البينة عند إمام جماعة - مثلا - على أن المائع الفلاني ماء فتوضأ به أو اغتسل، وقد علم غيره الخلاف وأنه ليس بماء فهل يجوز لذلك الغير الاقتداء به؟ الظاهر عدم جوازه، بلا فرق فيه بين الشبهات الحكمية والموضوعية.
والسبب في ذلك: هو أن نفوذ الحكم الظاهري الثابت لشخص في حق غيره