المبحوث عنها.
وبعد ذلك نقول: إن الكلام يقع في مسائل ثلاث:
الأولى: أن إتيان المأمور به بكل أمر يقتضي الإجزاء عن أمره عقلا، سواء كان ذلك الأمر أمرا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا.
الثانية: أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري هل يوجب الإجزاء عن الأمر الواقعي أم لا؟
الثالثة: أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري هل يوجب الإجزاء عنه إعادة وقضاء، أو قضاء فحسب، أم لا؟
أما الكلام في المسألة الأولى: فقد ذكر المحقق صاحب الكفاية (قدس سره): أن إجزاء الإتيان بكل مأمور به عن أمره عقلي، سواء كان أمرا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا، ضرورة أن العقل يستقل بعدم بقاء موضوع للتعبد ثانيا (1).
أقول: الأمر كما أفاده (قدس سره)، ومن هنا لا نزاع فيه، وإن نسب الخلاف إلى بعض ولكنه على تقدير صحته لا يعتد به أصلا.
والوجه في ذلك: هو أن المكلف إذا جاء بالمأمور به وأتى به خارجا واجدا لجميع الأجزاء والشرائط حصل الغرض منه لا محالة وسقط الأمر، وإلا لزم الخلف، أو عدم إمكان الامتثال أبدا، أو بقاء الأمر بلا ملاك ومقتض، والجميع محال.
أما الأول: فلأن لازم بقاء الأمر تعدد المطلوب، لا وحدته، وهو خلف.
وأما الثاني: فلأن الامتثال الثاني كالامتثال الأول، فإذا لم يكن الأول موجبا لسقوط الأمر فالثاني مثله...، وهكذا.
وأما الثالث: فلأن الغرض إذا تحقق في الخارج ووجد كيف يعقل بقاء الأمر؟
ضرورة استحالة بقائه بلا مقتض وسبب.