الأول سقوطه عنها بسقوط موضوعها، وعلى الثاني سقوطه عنها - فحسب - من دون سقوط موضوعها.
وقد تحصل من ذلك: أن دليل التقييد بمقتضى الفهم العرفي كاشف عن أن مراد المولى من الأول كان هو المقيد، ولم يكن المطلق مرادا له أصلا، ولا فرق في ذلك بين كون القيد زمانا أو زمانيا، ولولا ذلك - أي: كشف دليل التقييد بمقتضى الظهور العرفي عما عرفت - لا نسد باب حمل المطلق على المقيد.
فالنتيجة على ضوء هذا البيان أمران:
الأول: أن القضاء يحتاج إلى أمر جديد، فلا أصل للقول بأنه تابع للأداء، فلو ترك المكلف الصلاة في الوقت عصيانا أو نسيانا فالأمر بها في خارج الوقت يحتاج إلى دليل.
الثاني: أن سلوك الأمارة في مجموع الوقت إذا كان وافيا بمصلحة الصلاة في الوقت - كما هو مقتضى القول بالسببية بهذا المعنى - لا مناص من القول بالإجزاء، وبذلك يفترق القول بهذه السببية عن القول بالطريقية، حيث إن مقتضى القاعدة على القول بالطريقية هو عدم الإجزاء، ومقتضى القاعدة على القول بها هو الإجزاء.
فالصحيح: أن السببية بهذا المعنى تشترك مع السببية بالمعنى الأول والثاني في هذه النتيجة، لا مع الطريقية.
فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره): من أن حالها حال الطريقية من هذه الناحية خاطئ جدا، ولا يمكن المساعدة عليه بوجه.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي: أن الأمارات على القول بالسببية بتمام أشكالها تفيد الإجزاء، وعدم الإجزاء يحتاج إلى دليل. وعلى القول بالطريقية لا تفيد الإجزاء، فالإجزاء يحتاج إلى دليل من دون فرق في ذلك بين الأمارات والأصول العملية، ومن دون فرق فيه بين كون كشف الخلاف بالعلم الوجداني والعلم التعبدي. وقد تقدم جميع ذلك في ضمن البحوث السالفة بشكل