للداعي والقصد يتحقق بمجرد جعله وإنشائه. ومن الطبيعي أن الأمر إذا تحقق ووجد أمكن للمكلف الإتيان بالمأمور به بقصد هذا الأمر وبداعيه، ولا حاجة بعد ذلك إلى أخذه مفروض الوجود في مقام الإنشاء.
وبكلمة واضحة: أن الأمر وإن كان خارجا عن قدرة المكلف واختياره. حيث إنه فعل اختياري للمولى، كما أنه لا يمكن للمكلف الإتيان بشئ بقصده بدون فرض تحققه ووجوده إلا أن كل ذلك لا يستدعي أخذه مفروض الوجود.
والوجه في ذلك: هو أن المعتبر في صحة التكاليف إنما هو قدرة المكلف على الإتيان بمتعلقاتها بكافة الأجزاء والشرائط في مرحلة الامتثال وإن كان عاجزا وغير قادر في مرحلة الجعل. وعلى هذا الضوء فالمكلف وإن لم يكن قادرا على الإتيان بالصلاة - مثلا - بداعي أمرها وبقصده قبل إنشائه وجعله، ولكنه قادر على الإتيان بها كذلك بعد جعله وإنشائه، وقد عرفت (1) كفاية ذلك، وعدم المقتضي لاعتبار القدرة من حين الجعل. وعليه فلا مانع من تعلق التكليف بالصلاة مع قصد أمرها، لفرض تمكن المكلف من الإتيان بها كذلك في مقام الامتثال. فإذا لا ملزم لأخذه مفروض الوجود، فإن الملزم لأخذه كذلك هو لزوم التكليف بالمحال وهو غير لازم في المقام.
ومن هنا يظهر: أن الأمر يمتاز عن بقية القيود غير الاختيارية في نقطة، وهي:
أنه يوجد بنفس الإنشاء والجعل دون غيره، ولأجله لا موجب لأخذه مفروض الوجود.
فالنتيجة: هي أنه لا يلزم من أخذ قصد الأمر في متعلقه شئ من المحذورين السابقين، حيث إن كليهما يرتكز على نقطة واحدة، وهي: أخذ الأمر مفروض الوجود في مقام الإنشاء. وبانتفاء تلك النقطة انتفي المحذوران.
والوجه الثاني: ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) أيضا: من أن قصد الأمر والامتثال