المستفاد من الهيئة فحسب، باعتبار أنه معنى حرفي، والمعنى الحرفي غير قابل للتقييد: إما من ناحية أنه جزئي، أو من ناحية أنه ملحوظ بلحاظ آلي، ولا فرق في ذلك بين كونه تكليفيا أو وضعيا، ولا يدلان على استحالة رجوع القيد إلى الحكم الشرعي المستفاد من المادة أصلا، كما في مثل قوله: إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة، أو قال أحد: إن مت فهذا ملك لك، وما شاكل ذلك.
ومقتضى الوجه الثالث هو استحالة رجوع القيد إلى الحكم مطلقا، سواء أكان مستفادا من الهيئة أم من المادة، وسواء أكان حكما تكليفيا أم كان وضعيا، بداهة أن انفكاك المنشأ عن الإنشاء لو كان محالا فهو في الجميع على نسبة واحدة.
ومقتضى الوجه الرابع وإن كان هو عدم الفرق بين كون الوجوب مستفادا من الهيئة أو من المادة إلا أنه يختص بالحكم التكليفي، فلا يعم الحكم الوضعي كما هو واضح.
ثم إنه نسب إلى شيخنا الأنصاري (قدس سره) في تقريراته مسألة ما إذا تردد أمر القيد بين رجوعه إلى الهيئة ورجوعه إلى المادة، واستظهاره (قدس سره) رجوعه إلى المادة دون الهيئة (1).
ولكن غير خفي أن هذا الكلام منه (قدس سره) يرتكز على أحد أمرين: إما على التنزل عما أفاده (قدس سره) من استحالة رجوع القيد إلى الهيئة، إذ مع الاستحالة لا تصل النوبة إلى التردد والاستظهار. وإما على كون الوجوب مستفادا من جملة اسمية، وعلى هذا الفرض فإن علم من الخارج أن القيد راجع إلى المادة دون الهيئة وجب تحصيله، لفرض فعلية وجوب المقيد، وإذا علم أنه راجع إلى الهيئة دون المادة لم يجب تحصيله، لفرض عدم فعلية وجوبه، بل تتوقف فعليته على حصول القيد، وإن لم يعلم ذلك وتردد أمره بين رجوعه إلى المادة ليكون الوجوب فعليا ورجوعه إلى الهيئة حتى لا يكون فعليا فهو مورد للنزاع والكلام.