ومن هنا يظهر: أن هذا التقسيم لا يجري في الواجب النفسي، بداهة أنه لا يتصف إلا بالأصالة، فلا يعقل أن تكون الإرادة المتعلقة به إرادة تبعية وارتكازية، فالتقسيم خاص بالواجب الغيري.
وأما على الثاني: فالمراد بالأصلي: هو ما كان مقصودا بالإفهام من الخطاب بحيث تكون دلالة الكلام عليه بالمطابقة، وبالتبعي: هو ما لم يكن كذلك، بل كانت دلالة الكلام عليه بالتبعية والالتزام.
ولكن على هذا فالواجب لا ينحصر بهذين القسمين، بل هنا قسم ثالث، وهو:
ما لم يكن الواجب مقصودا بالإفهام من الخطاب أصلا، لا أصالة ولا تبعا، كما إذا كان الواجب مدلولا لدليل لبي من إجماع أو نحوه، هذا إذا علم بالأصالة والتبعية.
وأما إذا شك في واجب أنه أصلي أو تبعي فحيث لا أثر لذلك فلا أصل في المقام حتى يعين أحدهما، لا لفظا ولا عملا. نعم، لو كان لهما أثر عملي فمقتضى الأصل هو كون الواجب تبعيا إذا كان عبارة عما لم تتعلق به الإرادة المستقلة، وأما إذا كان عبارة عما تعلقت به الإرادة التبعية فلا يكون موافقا للأصل.
مقتضى الأصل في المسألة والبحث فيه يقع في مقامين:
الأول: في مقتضى الأصل العملي.
الثاني: في مقتضى الأصل اللفظي.
أما المقام الأول: فقد أفاد المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) أنه لا أصل في المسألة الأصولية يعين الملازمة عند الشك في ثبوتها أو عدمها، والسبب فيه: ما ذكرناه من أن هذه الملازمات وإن لم تكن من سنخ الموجودات الخارجية من الأعراض والجواهر إلا أنها أمور واقعية أزلية، كاستحالة اجتماع النقيضين والضدين، والدور، والتسلسل، وما شاكل ذلك، حيث إنها لم تكن محدودة بحد خاص، بل هي أمور أزلية ولها واقع موضوعي. وعلى هذا الضوء فإن كانت