وأما فيما نحن فيه فحيث إن القدر المتيقن موجود في البين، والمفروض أن احتمال رجوع القيد إلى المادة المنتسبة مدفوع بالإطلاق فلا يمكن للمولى أن يكتفي بما ذكره من القيد لو كان مراده تقييد المادة المنتسبة دون غيرها.
الثاني: أن القيد إذا كان راجعا إلى المادة بعد الانتساب فلابد أن يؤخذ مفروض الوجود، كما هو شأن كل واجب مشروط بالإضافة إلى شرطه. وبما أن أخذ القيد مفروض الوجود في مقام الجعل والاعتبار يحتاج إلى عناية زائدة على ذكر ذات القيد، والمفروض عدمها فبطبيعة الحال احتمال أخذه كذلك يدفع بإطلاق القيد، وأنه لم يلحظ كذلك.
ومن هنا يظهر الفرق بين هذا الوجه والوجه الأول، وهو: أن احتمال رجوع القيد إلى مفاد الهيئة في الأول يدفع بإطلاق المادة المنتسبة، وفي الثاني بإطلاق القيد.
وأما في المنفصلة فلا يخلو الأمر: من أن تكون القرينة المزبورة لفظية، أو لبية، أما إذا كانت لفظية فحالها حال المتصلة، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا، بل الأمر فيها أوضح، لعدم جريان شبهة احتفاف الكلام بما يمكن أن يكون قرينة فيها، لأن المفروض انعقاد الظهور. وأما إذا كانت لبية فيجري فيه الوجهان المذكوران، لدفع الشك في رجوع القيد إلى المادة المنتسبة بإطلاق المادة أو إطلاق القيد.
وقد تحصل مما ذكرناه: أنه إذا شك في رجوع القيد إلى الواجب أو الوجوب فالإطلاق يقتضي رجوعه إلى الواجب (1).
التحقيق في المقام أن يقال: إن القيد إذا كان قيدا للهيئة واقعا فمرده إلى أخذه مفروض الوجود في مقام الجعل والاعتبار، من دون فرق في ذلك بين كون القيد اختياريا أو غير اختياري. وإذا كان قيدا للمادة واقعا فمرده إلى اعتبار تقيد المادة به في مقام الجعل والإنشاء، من دون فرق في ذلك أيضا بين كون القيد اختياريا أو غير اختياري. غاية الأمر إذا كان غير اختياري فلابد من أخذه مفروض الوجود، وذلك لما تقدم من أن كون القيد غير اختياري لا يستلزم كون الفعل المقيد به أيضا كذلك، ضرورة أن القدرة عليه لا تتوقف على القدرة على قيده، فإن الصلاة