الثاني: أن المكلف إذا جاء بالطهارات الثلاث بداعي التوصل إلى الواجب النفسي وكان غافلا عن محبوبيتها النفسية ثم بدا له في الإتيان بذلك الواجب فهل تقع الطهارات عندئذ عبادة؟
فقد ظهر مما ذكرنا: أن ذلك لا يكون مانعا عن وقوعها عبادة. أما بناء على وجوب المقدمة مطلقا فواضح، وأما بناء على عدم وجوبها كذلك كما هو المختار، أو بناء على وجوب خصوص المقدمة الموصلة فهي وإن لم تتصف بالوجوب الغيري إلا أنك عرفت أن وقوعها عبادة لا يتوقف على وجوبها الغيري، حيث يكفي في ذلك الإتيان بها بداعي التوصل أو بداعي الأمر الاستحبابي النفسي (1)، والمفروض في المقام: هو أن المكلف قد أتى بها بداعي التوصل.
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي أن منشأ عبادية الطهارات الثلاث أحد أمرين على سبيل منع الخلو:
1 - قصد امتثال الأمر الاستحبابي النفسي.
2 - قصد التوصل بها إلى الواجب النفسي، ولا صلة للأمر الغيري بعباديتها أصلا.
الأقوال حول وجوب المقدمة لا شبهة في تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط بناء على ثبوت الملازمة بينهما، فلو كان وجوب ذيها مطلقا لكان وجوب مقدمته أيضا كذلك، وإن كان مشروطا كان وجوبها كذلك. هذا من ناحية.