وعلى الجملة: ففعلية وجوب الأجزاء السابقة كما تتوقف على وجود تلك الشرائط في ظرفها كذلك تتوقف على بقائها إلى زمان الأجزاء اللاحقة، فالالتزام بالشرط المتأخر في أمثال الموارد مما لا مناص منه، ولا يحتاج إلى دليل خاص، فيكفي فيه نفس ما دل على اشتراط هذه الواجبات بتلك الشرائط.
لحد الآن قد استطعنا أن نخرج بهاتين النتيجتين:
الأولى: أنه لا مانع من الالتزام بالشرط المتأخر في مرحلة الثبوت، ولا محذور فيه أبدا.
الثانية: أن الالتزام بوقوعه في مرحلة الإثبات يحتاج إلى دليل خاص، وإلا فمقتضى القاعدة عدمه. نعم، وقوعه في الموردين السابقين كان على طبق القاعدة.
الواجب المطلق والمشروط غير خفي أن إطلاق المطلق والمشروط على الواجب بمالهما من المعنى اللغوي. فالمطلق: عبارة عن المرسل وعدم التقييد بشئ، ومنه طلاق المرأة فإنه بمعنى: إرسالها عن قيد الزوجية.
والمشروط: عبارة عن المقيد بقيد والمشدود به، ومنه وجوب الحج بالإضافة إلى الاستطاعة فإنه مقيد بها ومربوط، ولا يكون مطلقا، وليس للأصوليين اصطلاح خاص فيهما، بل هم يطلقون هذين اللفظين بمالهما من المعنى اللغوي، كما ذكره المحقق صاحب الكفاية (1) (قدس سره).
ثم إنه قد يتصف بهما الوجوب، فيكون مطلقا تارة، ومشروطا أخرى، وذلك كوجوب الحج فإنه مشروط بالإضافة إلى الاستطاعة ومطلق بالإضافة إلى الزوال مثلا، وقد يتصف بهما الواجب كذلك، كالصلاة فإنها مقيدة بالطهارة ومطلقة بالإضافة إلى الإحرام مثلا...، وهكذا. ومن هنا يظهر: أن إطلاقهما على الواجب في المقام مبني على ضرب من المسامحة، وذلك لأن الكلام فيه إنما هو في إطلاق