زمنا يوجب اندكاك أحدهما في الآخر، ولا يعقل بقاء كل منهما فيه بحده واستقلاله.
وأما في الثاني كما لو نذر الصلاة في المسجد أو الجماعة أو نحو ذلك فإنه لا شبهة في أن الوجوب الآتي من قبل النذر يندك في الوجوب أو الاستحباب النفسي الثابت لها، مع أنه في رتبة متأخرة عنه لتأخر ملاكه - وهو رجحان متعلقه - عن ملاك ذلك، والسبب فيه ليس إلا اجتماعهما في شئ واحد وزمن واحد. ومن هنا ذكرنا في محله: أن الأمر النذري في عرض الأمر النفسي زمنا وإن كان في طوله رتبة بملاك اعتبار الرجحان في متعلقه في مرتبة سابقة عليه (1).
فالنتيجة: أن الملاك المقتضي للاندكاك والتأكد هو تقارن الحكمين زمنا وإن كانا مختلفين رتبة.
أضف إلى ذلك: أن الوجوب الغيري ليس معلولا للوجوب النفسي ومترشحا منه، كما سيأتي تحقيقه في ضمن البحوث الآتية (2).
وقد ادعى بعض الأعاظم قدست أسرارهم ظهور الثمرة بين القول باتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري والقول بعدم اتصافها به في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، بدعوى: أنه على القول الأول لا ينحل العلم الإجمالي بوجوب أحدهما بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل، وذلك لأن مناط الانحلال هو انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل على كل تقدير. وبما أن في المقام لا ينطبق كذلك باعتبار أن المعلوم بالإجمال هو الوجوب النفسي والمعلوم بالتفصيل هو الجامع بين الوجوب الغيري والنفسي فلا انحلال في البين.
وعلى القول الثاني ينحل إلى العلم التفصيلي بوجوب نفسي متعلق بذات الأقل - وهي المركب من تسعة أجزاء مثلا - والشك البدوي في اعتبار أمر زائد، وعندئذ فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الزائد (3).