الصفات في الواجب واحد عينا وذاتا وجهة، وفي الممكن متعدد كذلك.
وأما عدم تماميتها من الناحية الثانية فلأن من الواضح أن مفهوم الإرادة ليس هو الابتهاج والرضا، لا لغة ولا عرفا، وإنما ذلك اصطلاح خاص من الفلاسفة، حيث إنهم فسروا (1) الإرادة الأزلية بهذا التفسير، ولعل السبب فيه: التزامهم بعدة عوامل تالية:
الأول: أن إرادته تعالى عين ذاته خارجا وعينا.
الثاني: أنها ليست بمعنى الشوق الأكيد المحرك للعضلات كما عرفت (2).
الثالث: أنها مغايرة للعلم والقدرة والحياة وما شاكلها من الصفات العليا بحسب المفهوم.
الرابع: أنه لم يوجد معنى مناسبا للإرادة غير المعنى المذكور، وبطبيعة الحال أن النتيجة على ضوء هذه العوامل هي ما عرفت.
ولكن هذا التفسير خاطئ جدا، وذلك لأن الإرادة لا تخلو من أن تكون بمعنى إعمال القدرة، أو بمعنى الشوق الأكيد، ولا ثالث لهما. وحيث إن الإرادة بالمعنى الثاني لا تعقل لذاته تعالى تتعين الإرادة بالمعنى الأول له سبحانه، وهو المشيئة وإعمال القدرة.
وأضف إلى ذلك أن الرضا من الصفات الفعلية كسخطه تعالى، وليس من الصفات الذاتية: كالعلم والقدرة ونحوهما، وذلك لصحة سلبه عن ذاته تعالى، فلو كان من الصفات العليا لم يصح السلب أبدا.
على أنا لو فرضنا أن الرضا من الصفات الذاتية فما هو الدليل على أن إرادته أيضا كذلك بعد ما عرفت من أن صفة الإرادة غير صفة الرضا؟ وكيف كان، فما أفاده (قدس سره) لا يمكن المساعدة عليه بوجه.
وأما النقطة الثانية " إرادته تعالى صفة ذاتية له ": فهي خاطئة جدا.