النفس فإن ترتبت عليه حركة العضلات بحيث لا تنفك الحركة عنه كان حال الحركة وهذا الفعل النفساني حال الفعل وصفة الإرادة، فما المانع عن كون الصفة علة تامة للفعل دون الفعل النفساني، وكونه وجوبا بالاختيار مثل كونه وجوبا بالإرادة؟) (1).
وغير خفي أن ما ذكره (قدس سره) من الغرائب! والسبب في ذلك: أن الفعل وإن كان مترتبا على الاختيار وإعمال القدرة في الخارج إلا أن هذا الترتب بالاختيار.
ومن المعلوم أن وجوب وجود الفعل الناشئ من الاختيار لا ينافي الاختيار، بل يؤكده.
وبكلمة أخرى: أن النفس باختيارها وإعمال قدرتها أوجدت الفعل في الخارج، فيكون وجوب وجوده بنفس الاختيار وإعمال القدرة، ومرده إلى الوجوب بشرط المحمول، أي: بشرط الوجود. ومن الطبيعي أن مثل هذا الوجوب لا ينافي الاختيار، حيث إن وجوبه معلول له فكيف يعقل أن يكون منافيا له؟
فيكون المقام نظير المسبب المترتب على السبب الاختياري، وهذا بخلاف وجوب وجود الفعل من ناحية وجود الإرادة، فإنه ينافي كونه اختياريا، وذلك لأن الإرادة - كما عرفت (2) - بكافة مبادئها غير اختيارية، فإذا فرضنا أن الفعل معلول لها ومترتب عليها كترتب المعلول على العلة التامة فكيف يعقل كونه اختياريا نظير ترتب المسبب على السبب الخارج عن الاختيار؟ وعلى ضوء هذا البيان يمتاز وجوب الفعل المترتب على صفة الاختيار عن وجوب الفعل المترتب على صفة الإرادة.
الثالث: ما إليك نص قوله: (إن الاختيار الذي هو فعل نفساني إن كان لا ينفك عن الصفات الموجودة في النفس من العلم والقدرة والإرادة فيكون فعلا قهريا، لكون مبادئه قهرية لا اختيارية. وإن كان ينفك عنها وأن تلك الصفات مرجحات فهي بضميمة النفس الموجودة في جميع الأحوال علة ناقصة، ولا يوجد المعلول