ويرده: أن الأمر وإن كان كذلك في صورة انحصار المقدمة بالمحرمة إلا أنه لا يتم في صورة غير الانحصار.
والسبب فيه: هو أنه لا موجب لتخصيص الوجوب في هذه الصورة بخصوص المقدمة المباحة بعد ما كانت المقدمة المحرمة مثلها في الواجدية للملاك، وهو توقف الواجب عليها ووفاؤها بالغرض، ومجرد كون المقدمة محرمة من ناحية انطباق عنوان المحرم عليها لا يخرجها عن واجديتها للملاك، إذ كما أن اجتماع الواجب النفسي مع عنوان محرم لا ينافي وقوعه على صفة المطلوبية بناء على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي، وعدم سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه متعلق الأمر كذلك اجتماع الواجب الغيري - كالمسير إلى الحج مثلا مع عنوان محرم كالغصب - لا ينافي وقوعه على صفة المطلوبية، ومن الواضح أنه لا فرق من هذه الناحية بين الواجب النفسي والغيري.
الثالث: أن الغرض من المقدمة إنما هو التوصل بها إلى الواجب النفسي، فإن كانت توصلية أمكن التوصل بها إلى الواجب النفسي وإن كانت محرمة، سواء فيه القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه، ضرورة أنه لا أثر له في ذلك أبدا.
وإن كانت تعبدية - كالطهارات الثلاث - فعندئذ إن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي صحت العبادة في مورد الاجتماع، سواء قلنا بوجوب المقدمة أم لم نقل.
وإن قلنا بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي على جانب الأمر فلا مناص عن الحكم بفسادها، من دون فرق أيضا بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدم وجوبها، فإذا لا ثمرة للقول بالوجوب من هذه الناحية (1).