ونأخذ لتوضيح ذلك مثالين:
أحدهما: أن غليان الماء خارجا يتوقف على إحراق النار وإيجاد الحرارة فيه على التدريج إلى أن تبلغ درجة خاصة، فإذا وصلت إلى هذه الدرجة تحقق الغليان، فالإحراق شرط له، وهو متقدم عليه زمانا.
ثانيهما: أن القتل يتوقف على فري الأوداج، ثم رفض العروق الدم الموجود فيها إلى الخارج، ثم توقف القلب عن الحركة وبعده يتحقق القتل، ففري الأوداج مع أنه شرط متقدم عليه.
فالنتيجة: أنه لا مانع من تقدم سائر أجزاء العلة التامة على المعلول زمانا، فإن ما لا يمكن تقدمه عليه كذلك هو الجزء الأخير لها.
ومن هنا يظهر: أن التعاصر إنما هو بين العلة التامة ومعلولها، لا بين كل جزء جزء منها وبينه، فإذا جاز تقدم الشرط على المشروط في التكوينيات جاز في التشريعيات أيضا، بداهة أنه لا مانع من اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف مشروطا بشئ متدرج الوجود خارجا على نحو يكون ثبوته في ذمته معاصرا لجزئه الأخير بحيث يستحيل الانفكاك بينهما زمانا، أو يعتبر الوضع كالملكية والزوجية وما شاكلهما كذلك، يعني: مشروطا بشئ متدرج الوجود كالعقد ونحوه.
وعلى الجملة: فلا مانع من تقدم الشرط على المشروط، سواء كان المشروط حكما أو فعلا، وسواء كان الحكم وضعيا أو تكليفيا.
وأضف إلى ذلك: أن باب الأحكام الشرعية أجنبي عن باب العلة والمعلول بالكلية، فلا صلة لأحدهما بالآخر أبدا كما سنشير إليه (1).
ثم إن شيخنا الأستاذ (قدس سره) قد خصص الإشكال المذكور بشرائط الحكم، وذهب إلى عدم جريانه بالإضافة إلى شرائط المأمور به.
وقد أفاد في وجه ذلك ما حاصله: هو أن مرد شرطية شئ للمأمور به هو أن