وقد تصدى شيخنا المحقق (قدس سره) إلى توجيه مراد الشيخ (قدس سره) ببيان أمرين:
الأول: أن الجهات التقييدية إنما تمتاز عن الجهات التعليلية في الأحكام الشرعية، فإن العناوين المأخوذة في متعلقاتها كعنوان الصلاة والصوم ونحوهما من الجهات التقييدية، ومن هنا يعتبر الإتيان بها بقصد العناوين المزبورة، وإلا لم يؤت بما هو مصداق للواجب. وأما الملاكات الكامنة في متعلقاتها فهي جهات تعليلية.
فالنتيجة: أن الجهات التعليلية في الأحكام الشرعية غير الجهات التقييدية.
وأما في الأحكام العقلية فالجهات التعليلية فيها راجعة إلى الجهات التقييدية، وأن الأغراض في الأحكام العقلية عناوين لموضوعاتها، ولا يفرق في ذلك بين الأحكام النظرية والأحكام العملية.
أما الأولى: فلأن حكم العقل باستحالة شئ بسبب استلزامه الدور أو التسلسل حكم باستحالة الدور أو التسلسل بالذات، وحكمه باستحالة اجتماع الأمر والنهي - مثلا - من ناحية استلزامه اجتماع الضدين حكم باستحالة اجتماع الضدين كذلك...، وهكذا، فتكون الجهة التعليلية فيها بعينها هي الموضوع لحكم العقل.
وأما الثانية: فلأن حكم العقل بحسن ضرب اليتيم للتأديب - مثلا - حكم بحسب الواقع والحقيقة بحسن التأديب، كما أن حكمه بقبح الضرب للإيذاء حكم في الواقع بقبح الإيذاء...، وهكذا، فتكون الجهة التعليلية فيها بعينها هي الجهة التقييدية والموضوع للحكم.
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي أنه لا فرق بين الجهات التعليلية والجهات التقييدية في الأحكام العقلية أصلا. وعلى هذا الضوء فبما أن مطلوبية المقدمة ليست لذاتها، بل لحيثية مقدميتها والتوصل بها فالمطلوب الجدي والموضوع الحقيقي للحكم العقلي إنما هو نفس التوصل، لما عرفت من أن الجهة التعليلية في الحكم العقلي ترجع إلى الجهة التقييدية.