حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * (1) ظاهر في فعلية وجوب الحج عند فعلية الاستطاعة، كما أن قوله عز وجل: * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * (2) ظاهر في فعلية وجوب الصوم عند شهود الشهر، والشهود كناية عن أحد أمرين: إما الحضور في مقابل السفر، وإما رؤية الهلال، وعلى كلا التقديرين فالآية تدل على تحقق وجوب الصوم عند تحقق الشهود.
نعم، ظواهر الأدلة في الصلوات الخمس لا تساعده، فإن قوله (عليه السلام): " إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة " (3) ظاهر في تحقق الوجوب بعد الزوال.
وكيف كان فقد ذكرنا: أن الشرط المتأخر وإن كان ممكنا في نفسه ولا مانع من الالتزام به إلا أن وقوعه في الخارج يحتاج إلى دليل، ففي كل مورد دل الدليل عليه فهو، وإلا فلا نقول به. نعم، لو قلنا باستحالته فلابد من رفع اليد عن ظواهر تلك الأدلة.
وبكلمة أخرى: ينبغي لنا أن نتكلم حول هذه المسألة في مقامين:
الأول: على القول بإمكان الواجب التعليقي ووقوعه في الخارج.
الثاني: على القول باستحالته أو عدم وقوعه وإن قلنا بإمكانه.
أما المقام الأول: فلا إشكال في لزوم الإتيان بالمقدمات التي لو لم يأت بها لفات الواجب عنه في ظرفه، من دون فرق فيه بين القول بوجوب المقدمة شرعا والقول بعدم وجوبها كذلك. أما على الأول فواضح، وأما على الثاني فلاستقلال العقل بذلك بعد إدراكه توقف الإتيان بالواجب عليها، حيث إن وجوبه فعلي على الفرض. ومن المعلوم أن العقل يستقل في مثله بلزوم امتثاله، فلو توقف على مقدمات حكم بلزوم الإتيان بها أيضا لأجل ذلك.
وعلى الجملة: فعلى ضوء هذا القول لا فرق بين المقدمات التي لابد من