حسنه في حد ذاته، سواء أكان مع ذلك مقدمة لواجب آخر أم لم يكن. وملاك الواجب الغيري ما كان وجوبه لأجل حسن غيره، سواء أكان في نفسه أيضا حسنا كالطهارات الثلاث أم لم يكن.
ويرد عليه أولا: ما أورده المحقق النائيني (قدس سره): من أن حسن الأفعال الواجبة المقتضي لإيجابها إن كان ناشئا من مقدميتها لما يترتب عليه من المصالح والفوائد اللازمة فالإشكال باق على حاله. وإن كان ثابتا في حد ذاتها مع قطع النظر عما يترتب عليها فلازم ذلك أن لا يكون شئ من الواجبات النفسية متمحضا في الوجوب النفسي، وذلك لاشتمالها على ملاكين: النفسي وهو حسنها ذاتا، الغيري وهو كونها مقدمة لواجب آخر، نظير صلاة الظهر، حيث إنها واجبة لنفسها ومقدمة لواجب آخر وهو صلاة العصر وصلاة المغرب، فإنها مع كونها واجبة لنفسها مقدمة لصلاة العشاء أيضا. وأفعال الحج فإن المتقدم منها واجب لنفسه ومقدمة للمتأخر (1).
فالنتيجة: أنه لا وقع لهذا التقسيم أصلا على ضوء ما أفاده (قدس سره).
وثانيا: أن دعوى الحسن الذاتي في جميع الواجبات النفسية دعوى جزافية ولا واقع موضوعي لها أصلا، والسبب في ذلك: هو أن جل الواجبات النفسية لم تكن حسنة بذاتها وفي نفسها: كالصوم والحج والزكاة والخمس وما شاكل ذلك، فإن ترك الأكل والشرب - مثلا - في نهار شهر رمضان ليس في نفسه حسنا، بداهة أنه لا فرق بينه فيه وبين الأكل والشرب في غيره ذاتا، مع قطع النظر عن الأمر، وكذا الحال في مناسك الحج. نعم، الأمر المتعلق بها يكشف عن وجود مصلحة ملزمة فيها، إلا أنها أجنبية عن حسنها الذاتي.
نعم، بعض الواجبات حسن ذاتا: كالسجود والركوع وما شاكلهما، مع قطع النظر عن تعلق الأمر به.
وأما الحسن العقلي فهو أجنبي عن حسن الفعل ذاتا، حيث إنه من باب حسن