إلى هنا قد تبين: أن القول بالاشتراك اللفظي بين جميع المعاني المتقدمة باطل لا واقع موضوعي له، وكذلك القول بالاشتراك المعنوي، فالصحيح: هو القول بالاشتراك اللفظي بين المعنيين المتقدمين.
ثم لا يخفى أنه لا ثمرة عملية لذلك البحث أصلا، والسبب فيه: أن الثمرة هنا ترتكز على ما إذا لم يكن المراد الاستعمالي من الأوامر الواردة في الكتاب والسنة معلوما، وحيث إن المراد الاستعمالي منها معلوم فإذا لا أثر له.
المعنى الاصطلاحي للأمر حكى المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) أن الأمر قد نقل عن معناه الأصلي إلى القول المخصوص، وهو هيئة " إفعل " (1).
ويرد عليه: أنه إن كان هذا مجرد اصطلاح فلا مشاحة فيه، وإلا فلا وجه له أصلا، وذلك لأن الظاهر أن الاشتقاق منه بحسب معناه الاصطلاحي، وعليه فلو كان معناه الاصطلاحي القول المخصوص لم يمكن الاشتقاق منه، لأنه جامد، ومن الطبيعي أن مبدأ المشتقات لابد أن يكون معنى حدثيا قابلا للتصريف والتغيير. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن يكون المبدأ خاليا عن جميع الخصوصيات ليقبل كل خصوصية ترد عليه.
ومن ثمة قلنا في بحث المشتق: إن المصدر لا يصلح أن يكون مبدأ له، لعدم توفر الشرط الأساسي للمبدأ فيه، وهو خلوه عن جميع الأشكال والصور المعنوية واللفظية حتى يقبل أية صورة ترد عليه، نظير الهيولي في الأجسام حيث إنها فاقدة لكل صورة افترضت، ولذا تقبل كل صورة ترد عليها بشتى أنواعها وأشكالها، وبطبيعة الحال أنها لو لم تكن فاقدة لها فلا تقبل صورة أخرى، لوضوح إباء كل صورة عن صورة أخرى، وكل فعلية عن فعلية ثانية (2).