زمانا عن الحكم.
فالنتيجة لحد الآن أمران:
الأول: أن فعلية الحكم تتوقف على فعلية موضوعه المأخوذ مفروض الوجود في ظرف التشريع.
الثاني: أن كلامه (قدس سره) مبني على الخلط بين شرائط الجعل وشرائط المجعول، وقد مر أنه لا صلة لإحداهما بالأخرى أصلا.
وعلى ضوء هذه النتيجة قد التزم شيخنا الأستاذ (قدس سره) باستحالة الشرط المتأخر بدعوى: أن الموضوع في القضايا الحقيقية قد اخذ مفروض الوجود بتمام شرائطه وقيوده، ومن الطبيعي أن الموضوع ما لم يتحقق في الخارج كذلك يستحيل تحقق الحكم، حيث إن نسبة الموضوع إلى الحكم كنسبة العلة التامة إلى معلولها، ففرض فعلية الحكم قبل وجود موضوعه ولو من ناحية عدم وجود قيد من قيوده كفرض وجود المعلول قبل وجود علته (1).
والسر فيه: هو أن القضايا الحقيقية بأجمعها ترجع في الحقيقة إلى قضايا شرطية، مقدمها وجود الموضوع، وتاليها ثبوت المحمول له. ومن الطبيعي أنه لا يمكن وجود التالي قبل وجود المقدم.
والذي ينبغي أن يقال في المقام: هو جواز الشرط المتأخر، ويقع الكلام فيه في مقامين:
الأول: في مقام الثبوت.
والثاني: في مقام الإثبات.
أما المقام الأول: فقد ذكرنا غير مرة: أن الأحكام الشرعية بشتى أنواعها أمور اعتبارية، فلا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار، ولا صلة لها بالموجودات المتأصلة الخارجية أبدا (2).