الواجب النفسي قيدا للواجب الغيري ليلزم محذور الدور أو التسلسل (1).
الثانية: أن ما أفاده (قدس سره) من أن استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق فقد ذكرنا بصورة موسعة في بحث التعبدي والتوصلي: أن هذه الكبرى خاطئة جدا ولا واقع موضوعي لها أصلا، وذكرنا هناك: أن استحالة التقييد بقيد في مقام الثبوت تستلزم إما ضرورة الإطلاق أو ضرورة التقييد بخلافه (2). وعلى ضوء هذا الأساس فحيث إن فيما نحن فيه تقييد الواجب الغيري بالإيصال مستحيل، وكذلك تقييده بعدم الإيصال فالإطلاق عندئذ ضروري.
وعليه فالنتيجة: ثبوت ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من وجوب المقدمة مطلقا (3).
الثالثة: أن الترتب - كما ذكرناه في محله - وإن كان أمرا معقولا بل ولا مناص عن الالتزام به (4) إلا أنه في المقام غير معقول، والسبب في ذلك: هو أن حرمة المقدمة إذا كانت مشروطة بعصيان الأمر بذي المقدمة فبطبيعة الحال يكون وجوبها مشروطا بعدم عصيانه وإطاعته، لاستحالة كون شئ واحد في زمان واحد واجبا وحراما معا.
وإن شئت قلت: إنه لا يعقل أن يكون وجوبها مطلقا وثابتا على كل تقدير مع كونها محرمة على تقدير عصيان الأمر بذي المقدمة، كيف؟ فإنه من اجتماع الوجوب والحرمة الفعليين في شئ في زمن واحد، فإذا كان وجوب المقدمة مشروطا بعدم عصيان وجوب الواجب النفسي فعندئذ لابد من النظر إلى أن وجوب الواجب النفسي أيضا مشروط بعدم عصيانه وإطاعته أم لا؟
فعلى الأول يلزم طلب الحاصل، لأن مرد ذلك إلى أن وجوب الواجب النفسي مشروط بإتيانه وإطاعته، وهو مستحيل.