وإن أريد منها الملازمة بين اعتبار شئ على ذمة المكلف وبين اعتبار مقدماته على ذمته فالوجدان أصدق شاهد على عدمها، بداهة أن المولى قد لا يكون ملتفتا إلى توقفه على مقدماته كي يعتبرها على ذمته، على أنه لا مقتضى لذلك بعد استقلال العقل بلا بدية الإتيان بها، حيث إنه مع هذا لغو صرف.
وقد تحصل من جميع ما ذكرناه: أن الصحيح في المقام أن يقال: إنه لا دليل على وجوب المقدمة وجوبا مولويا شرعيا، كيف؟ حيث إن العقل بعد أن رأى توقف الواجب على مقدمته ورأى أن المكلف لا يستطيع على امتثال الواجب النفسي إلا بعد الإتيان بها فبطبيعة الحال يحكم العقل بلزوم الإتيان بالمقدمة توصلا إلى الإتيان بالواجب، ومع هذا لو أمر الشارع بها فلا محالة يكون إرشادا إلى حكم العقل بذلك، لاستحالة كونه مولويا.
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي عدم وجوب المقدمة بوجوب شرعي مولوي، لا على نحو الإطلاق، ولا خصوص حصة خاصة منها.
مقدمة المستحب ثم إننا لو بنينا على وجوب المقدمة شرعا من ناحية ثبوت الملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته فهل تختص هذه الملازمة بخصوص ما إذا كان ذي المقدمة واجبا، أم يعم المستحب أيضا؟ الظاهر هو الثاني بعين ما ذكرناه من الملاك، لوجوبها في الواجب، وقد تقدم بشكل موسع (1).
مقدمة الحرام ذكر شيخنا الأستاذ (قدس سره): أن مقدمة الحرام تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: هو ما لا يتوسط بين المقدمة وذيها اختيار الفاعل وإرادته، فلو أتى بالمقدمة فذو المقدمة يقع في الخارج قهرا عليه بحيث لا يتمكن من تركه، نظير