عنها في نقطة أخرى.
أما نقطة الاشتراك: فهي أن قيام كليهما بالفاعل قيام صدور وإيجاد، لا قيام صفة أو حال.
وأما نقطة الامتياز: فهي أن الاختيار صادر عن ذات المختار بنفسه وبلا اختيار آخر، وأما بقية الأفعال فهي صادرة عنها بالاختيار لا بنفسها.
وأما النقطة الثالثة: فهي خاطئة جدا. والسبب في ذلك: أن الأفعال الصادرة عن الفاعل بالاختيار وإعمال القدرة لا تنحصر بالجواهر والأعراض، فإن الأمور الاعتبارية فعل صادر عن المعتبر بالاختيار، ومع ذلك ليست بموجودة في الخارج فضلا عن كونها قائمة بنفسها أو بموجود آخر.
وعلى هذا فلا ملازمة بين عدم قيام فعل بنفسه ولا بموجود آخر وبين قيامه بذات الفاعل قيام الصفة بالموصوف أو الحال بالمحل، لما عرفت من أن الأمور الاعتبارية فعل للمعتبر على رغم أن قيامها به قيام صدور وإيجاد، لا قيام صفة أو حال (1)، فليكن الاختيار من هذا القبيل، حيث إنه فعل اختياري على الرغم من عدم قيامه بنفسه ولا بموجود آخر، بل يقوم بذات المختار قيام صدور وإيجاد.
فالنتيجة لحد الآن: هي أن ما ذكره (قدس سره) من الوجوه غير تام.
الوجه الثاني (2): أن أفعال العباد لا تخلو: من أن تكون متعلقة لإرادة الله سبحانه وتعالى ومشيئته، أو لا تكون متعلقة لها، ولا ثالث لهما.
فعلى الأول: لابد من وقوعها في الخارج، لاستحالة تخلف إرادته سبحانه عن مراده.
وعلى الثاني: يستحيل وقوعها، فإن وقوع الممكن في الخارج بدون إرادته تعالى محال، حيث لا مؤثر في الوجود إلا الله، ونتيجة ذلك: أن العبد مقهور في إرادته ولا اختيار له أصلا.
والجواب عن ذلك: أن أفعال العباد لا تقع تحت إرادته سبحانه وتعالى ومشيئته.