تعلق الأمر بالعمل الاختياري التام من الأول، وذلك لأن العمل الاضطراري الناقص إن كان واجدا لتمام ملاكه فلا مقتضى للأمر به، وإلا فلا موجب لسقوطه، وحيث إننا لا ندري بوفائه بملاكه وعدم وفائه به فبطبيعة الحال لا نحرز وجوبه وتعلق الأمر به. ومن المعلوم أن مثل هذا مورد لأصالة البراءة.
وقد تحصل من ذلك: أن نتيجة أصالة البراءة هي الإجزاء وعدم وجوب الإعادة.
وأما المسألة الثانية (1) - وهي ما إذا ارتفع العذر بعد خروج الوقت فهل يجزئ الإتيان بالمأمور به الاضطراري عن القضاء في خارج الوقت أم لا؟ - فقد اختار شيخنا الأستاذ (قدس سره) الإجزاء، بدعوى: أن عدم الإجزاء في هذه الصورة غير معقول.
والوجه في ذلك: أن القيد المتعذر على المكلف في تمام الوقت لا يخلو من أن يكون له دخل في ملاك الواجب مطلقا حتى حين التعذر، وعدم تمكن المكلف من إتيانه كالطهور مثلا. وإما أن لا يكون له دخل كذلك، بل يختص دخله في ملاكه بحالة التمكن منه دون التعذر، كالطهارة المائية مثلا.
فعلى الأول لا يمكن الأمر بفاقده في الوقت، لعدم الملاك له.
وعلى الثاني فالأمر بالفاقد له باق، لفرض اشتماله على المصلحة التامة، وعدم دخل القيد المتعذر فيها حال التعذر.
وعلى الجملة: فبناء على دخل القيد مطلقا في ملاك الواجب ومصلحته فلا يمكن الأمر بالأداء في الوقت، لا بالإضافة إلى المأمور به من جهة انتفاء القدرة على امتثاله، ولا بالإضافة إلى الباقي من جهة عدم اشتماله على الملاك والمصلحة التامة، إذا لابد من الأمر بالقضاء في خارج الوقت.
وبناء على عدم دخل القيد مطلقا في ملاكه فبطبيعة الحال يتعين الأمر بالفاقد في الوقت، لاشتماله على الفرض على تمام الملاك والمصلحة، وعدم دخل القيد المزبور فيه في هذا الحال، وعليه فلا أمر بالقضاء، لعدم ملاك له.