المأخوذ في متعلقه على ما بيناه: هو قصد الأمر الضمني المتعلق به (1)، ولا مانع من أن يكون الواجب مركبا منهما.
غاية ما يمكن أن يقال: إن لازم ذلك هو أن يكون أحد الأمرين الضمنيين متأخرا عن الآخر رتبة. فإن الأمر الضمني المتعلق بالفعل المزبور مقدم رتبة عن الأمر الضمني المتعلق بقصده، وهذا لا محذور فيه أصلا بعد القول بالانحلال.
وعلى ضوء هذا الأساس يظهر اندفاع جميع الوجوه المتقدمة:
أما الوجه الأول: فهو يبتنى على أن يكون المأخوذ في متعلق الأمر هو قصد الأمر الاستقلالي، وأما إذا كان المأخوذ فيه هو قصد الأمر الضمني - كما هو الصحيح - فلا يلزم المحذور المزبور، وذلك لأن قصد الأمر الضمني في كل جزء إنما هو متأخر عن هذا الجزء لا عن جميع الأجزاء والشرائط. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: قد تقدم في مبحث الصحيح والأعم: أنه لا مانع من أن يكون الواجب مركبا من جزءين طوليين، ومن لحاظهما شيئا واحدا وجعلهما متعلقا لأمر واحد (2)، وما نحن فيه من هذا القبيل.
فالنتيجة: أن هذا الوجه ساقط على ضوء ما قدمناه.
وأما الوجه الثاني: فهو أيضا يقوم على أساس أن يكون المأخوذ في متعلق الأمر كالصلاة - مثلا - هو قصد الأمر النفسي الاستقلالي، فعندئذ لا يتمكن المكلف من الإتيان بها واجدة لتمام الأجزاء والشرائط، منها: قصد الأمر الاستقلالي إلا تشريعا حيث لا أمر بها كذلك، لفرض أنها جزء الواجب، والأمر المتعلق بالجزء لا يعقل أن يكون أمرا استقلاليا، وإلا لزم الخلف، بل لابد أن يكون أمرا ضمنيا.
وأما إذا افترضنا أن المأخوذ فيه هو قصد الأمر الضمني فلا يلزم ذلك المحذور، لتمكن المكلف وقتئذ من الإتيان بالصلاة مع قصد أمرها الضمني، وبذلك يتحقق المركب بكلا جزءيه.